للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كانت (صحوة الموت) بالنسبة للاستعمار الفرنسي في الجزائر هي ثورة المستوطنين في ١٣ - أيار - مايو - ١٩٦١.وإسقاط الجمهورية الرابعة في فرنسا واستيلاء ديغول على الحكم. يومها، فتش الاستعمار في دفاتره القديمة عن كل سلاح يحاول تجربته لأخر مرة. ومن بينها سلاح (السفور) و (تحرير المرأة).

وعقد (سرستيل) اجتماعات أطلق عليها صفة (شعبية) حشد الناس فيها بالقوة، وخطب داعيا إلى (تحرير المرأة الجزائرية). وتحت ضغط السلاح، أكرهت بعض النساء على خلع الحجاب وإحراقه، في حركة مسرحية، أمام الجماهير بعد انتهاء الخطب في ساحة أفريقيا بالعاصمة (الغروم سابقا). وكان هذا الحادث كله كأنه الإشارة السرية، ففي اليوم التالي لم تظهر امرأة جزائرية واحدة في الطريق سافرة، حتى اللواتي كن قد أسفرن عن وجوههن قبل الحادث عدن إلى الحجاب. كانت مظاهرة تقول للمستعمر أن الجزائرية لا تخلع حجابها بدعوة من المستعمر، ولكنها تخلعه في ساحة القتال، لترتدي ثياب الجهاد والاستشهاد.

لقد توافرت مجموعة لا نهاية لها من الشواهد التي تبرز دور المرأة أثناء الحرب، وما تميزت به من الإقدام وروح التضحية. فوقفت نساء المدن وهن يتحدين قوة العدو التي كانت تواجههن وكن يزحفن للقاء الموت من أجل الكرامة. ولا زالت ذكريات المرأة الريفية نابضة بالحياة وهي تحتمل كل الصعوبات، وتعاني من كل ويلات الاستعمار. وتضحي بنفسها وأولادها وزوجها لمساعدة المجاهدين. وكم من مرة رأت كوخها وهو يحترق أمام عينيها. أو أطفالها يقتلون، أو زوجها وهو يحفر قبره بيده. ورأينا المرأة الجزائرية في الجبال وهي تحمل السلاح أو تعمل كممرضة أو

<<  <  ج: ص:  >  >>