الجنود والشرطة، اللابسين ثيابا مدنية، يحاصرون جمهور المحكمة النسائي. إنه لمن الأقرب إلى المعقول والواقع أن يتذكر المرء اللوحة الشهيرة التي رسمها مواطننا (الحاج إتيان ديني - الرسام والكاتب) وجد فيها رؤياه السياسية والجمالية لسكان الجزائر الأصليين، فقد صور جزائريا مقيدا يمشي بين فارسين من فرسان الجيش الاستعماري، على طريق النفي إلى سجن في الصحراء.
إنها لوحة حية للجزائر المجاهدة، فالنسوة المجتمعات تراهن حول السجون، وحول الثكنات، وحول مراكز التعذيب وحول معسكرات الاعتقال والمحاكم العسكرية، لذلك كن مرهفات الحساسية إزاء التكريم العلني الذي أداه لهن الجميع. فقد عمدت
(جبهة التحرير) وهي في قفص الاتهام، إلى تمجيد وطنية الجزائريات اللواتي أعطين الثورة - قلبهن وروحهن - مجاهدات وفدائيات، مجندات ومقاتلات.
ذلك هو المنبر التقليدي - الكلاسيكي - للثوريين. إن الاستجواب يستحيل مديحا هجوميا للثورة التي لا تقهر. ولقد لجأت جبهة التحرير إلى استخدام جميع الوسائل لبلوغ غايتها، وهي استقلال الجزائر.
...
مارس الفدائيون في المدن دور قوة مغناطيسية، بصورة طبيعية تماما، وكللتهم نساء بالمجد الصوفي، وهو ذات المجد الذي يكلل هامات المجاهدين المرتدين لثياب الجنود النظامية. إن المحبة الجماعية، الدينية والوطنية، للمجاهد، تتحد بنوع آخر من التقدير، هو الإعجاب بوجه المحرر الذي ضرب في كل يوم موعدا له مع الموت. وتجذرت هذه المشاعر في أعماق قلوب الشعب، وكان