للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(سينتقم لنا إخواننا الثوار المجاهدون من هؤلاء، ولكل ما فعلوه بنا).

...

انتقلت إدارة المعسكر إلى جنود القبعات الخضر (المغاوير). وتسلم الأمور الإدارية مساعد ألماني من قدامى جنود اللفيف الأجنبي، ومعه عدد من الألمان والإيطاليين والهولانديين، ولم يكن بينهم إلا رقيب فرنسي. ولشد ما كانت دهشتنا ونحن نرى أن حياتنا في المعسكر بدأت في التحسن. وظهر أثر النظافة واضحا في المعسكر، وبات باستطاعة المعتقلين حلق شعر ذقونهم (لحاهم). وقص شعورهم. كما سمح لنا بغسل ثيابنا، والاستحمام، وحتى رعاية المزروعات والدواجن. وأجريت التمديدات الكهربائية إلى كافة المهاجع أخيرا. وتوقف الضرب حتى بات أمرا نادرا وفي ظروف غير طبيعية، وغير اعتيادية، وجاء يوم الجمعة بعد يومين، فأقيمت الصلاة ليوم الجمعة في الساحة العامة للمرة الأولى. وكان هناك (مفتي) بين المعتقلين، جمع حوله كل أولئك الذين لا زالوا يعرفون أداء الصلاة. أما الآخرون فقد جلسوا يستمعون بصمت مؤثر. وارتفع صوت (المفتي) هادرا، مثيرا للمشاعر، وخرجت النسوة من المهجع، ووقفن أمام الباب، وأقمن الصلاة. بخشوع وتأثر دفع الكثيرين منا للبكاء. وانبعث الأمل قويا في النفوس، والمصلون يركعون ويسجدون للواحد القهار، تحت السماء المشرقة، حيث أصوات المصلين ترتفع من القلوب والحناجر، داعية الله الفرج القريب، والنصر لعباده المؤمنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>