وجريء. لقد زرت بنفسي الجزائر أثناء تأديتي واجب الخدمة العسكرية، ولقد رأيت بعيني كيف أن التقسيم الإقليمي للجزائر هو الحل الوحيد لإنهاء المأساة الجزائرية، وإن على فرنسا أن تفكر جديا في حلول (المسألة الفلسطينية) و (القصة الباكستانية) وتستفيد من تجارب هذين البلدين، ولكن من الضروري أيضا أن تتجنب إيجاد حدود إقليمية نهائية بين قسمي الجزائر، ولا شك أن الحل المذكور يتطلب الشيء الكثير من الذكاء والابتكار، إلا أن المساعدات المادية والأدبية التي ستستمر فرنسا على تقديمها للطائفة العربية، مما يسهل كثيرا من الحل المذكور، ولعل أهم اعتراض يمكن توجيهه لاقتراح
التقسيم هذا، هو صعوبة نقل السكان من منطقة إلى أخرى. وبالرغم من وجاهة الاعتراض المذكور، إلا أن من الحقائق التي يجب التسليم بها بأن هذه الصعوبة سنواجهها في جميع الحلول المتصورة، سواء أكان إنشاء دولة جزائرية مستقلة، أو إنشاء دولة اتحادية.
ففى حالة الحل الأول، سوف تصبح حياة السكان الأوروبيين مما لا يمكن احتماله، لا ماديا ولا أدبيا - معنويا -؛ إذ أن منع الحياة السياسية عن أقلية ضخمة يبلغ عدد أفرادها مليونين ومائتي ألف نسمة، كان لها الفضل الأول في خلق الجزائر الحديثة، باسم حق تقرير المصير، لن يحل دراما الجزائر بحال من الأحوال. أما أولئك الذين يتصورون بأن تمتع هذه الأقلية بالسلطات الاقتصادية سوف يعوض عليهم فقدان الحقوق السياسية، فما عليهم إلا أن يقارنوا بين اختصاصات إحدى الغرف التجارية وبين سلطات البرلمان. أضف إلى ذلك أنه من الضروري في حالة الجزائر، أخذ العوامل الدينية والأثنولوجية - البشرية بعين الاعتبار. ولذلك فليس من التشاؤم توقع هجرة العدد الكبير من الأقلية الفرنسة من الجزائر،