عندما قبل (الجنرال سالان) أن يتولى مهمة (إبادة الجسم القومي للجزائر) بأسره عن طريق الإبادة الفعلية، وقتل كل جزائري مشتبه بتأييد (جبهة التحرير الوطني الجزائري) أصبح من المحال عليه ألا يلطخ كرامته كقائد أعلى، وأصبح محتما عليه أن يتصرف تصرف (مجرم الحرب رقم اثنين).
هذا ما تنبغي معرفته لتقدير جبهة التحرير الوطني حق قدرها، ولأخذ فكرة عن البطولة الروحية التي اجترحها المجاهدون حتى (يدوسوا على قلوبهم) وحتى (ينتصروا على نزواتهم وعواطفهم العمياء) وحتى (يحتفظوا برؤوسهم باردة) في مواجهة الحرب (العقائدية).
لم يهرق عبثا دم الشهداء الكريم، لقد تمسك المجاهدون بأهدافهم: الاستقلال والسيادة والحرية، وما أبعد ذلك عن الفكرة المضحكة التي اقترحها الاشتراكي (غي موليه) والتي كانت تريد أن تجعل من الجزائريين عبيدا (أحرارا) في (وطن أسير). لقد كانت خرافة (الدمج الاستعماري) المموه تتنكر بوحشية لجوهر الجغرافية الطبيعية والإنسانية والسياسية والتاريخية - للجزائر -. لكن تلك الخرافة - خرافة إعطاء الاغتصاب صفة شرعية - لم تلبث أن ماتت على أيدي المجاهدين، وأصبحت جيفة. لقد بقي المجاهدون - وهم في ساعات العسرة الأليمة - يرددون بثقة وإيمان: