حتى يخرجوا على العالم بعد ذلك بقولهم أن (الدمج) قد أصبح حقيقة واقعة، وأن الجزائر باتت ممثلة في (البرلمان الفرنسي) كأي إقليم من الأقاليم الفرنسية، وأن النواب الجزائريين يمثلون الشعب الجزائري بالانتخاب، فتزول بذلك الصفة التمثيلية الشرعية (للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية) و (جبهة التحرير الوطني). وكان لا بد - تبعا لأهداف المعركة الانتخابية - من أن تأخذ هذه المعركة صفتها الدموية الضارية.
لقد قاطع الجزائريون الانتخابات، حتى أنه عندما حان موعد إغلاق جدول المرشحين، لم يكن قد تقدم للترشيح من الجزائريين أي فرد - لاشعال ٤٥ منصبا نيابيا من أصل ٦٦ كرسيا خصصت للجزائر -. وأمام هذا الموقف، اضطرت الإدارة الفرنسية في الجزائر إلى تحديد أسماء المرشحين المقبولين من فرنسا على أنهم من أنصار الدمج، ووضعت القوائم الانتخابية، وجاءت بالذين وقع عليهم الاختيار، وأرغموا على توقيع طلبات الترشيح للانتخابات، أو القتل. ثم بدأت المرحلة الثانية من الصراع، وهي إرغام (الجزائريين على انتخاب الذين رشحتهم الإدارة الفرنسية للانتخابات. غير أن جماهير الشعب الجزائري قاطعت الانتخابات بصورة إجماعية، وظلت حوادث النسف والتدمير والتخريب تتوالى على مراكز الانتخابات طوال اليوم، وخسر الجيش الفرنسي في هذا اليوم مئات القتلى والجرحى وعشرات السيارات المصفحة والأسلحة والطائرات. وجاءت اللحظة التي تنتهي فيها عمليات الاقتراع، والصناديق خاوية فارغة، وأعلن حاكم مدينة الجزائر عن تمديد عملية الاقتراع ثلاث ساعات (حتى يتمكن الجزائريون من الإدلاء بأصواتهم)، وأذاع (الجنرال ماسو) من راديو الجزائر، بأن