ذلك اليوم، كان الشعب الجزائري كله في الشوارع، وفي الساحات وفي الميادين العامة، احتجاجا على مشاريع (التقسيم)،واهتزت الجزائر كلها وهي تردد مع آلاف الحناجر المنطلقة من الأعماق وهي تصرخ بصوت واحد (لا تقسيم في الجزائر). وسقط مئات القتلى والجرحى، وتناقلت وكالات الأنباء تعليقا واحدا:(من ذا الذي يشك في قوة الحكومة الجزائرية، بعد هذا الاستفتاء الشعبي الذي سالت فيه الدماء الغزيرة، على أرض شوارع الجزائر). وكتبت صحيفة إيطالية - معروفة بمناصرتها للسياسة الفرنسية - ما يلي:(لقد أثبت اليوم الخامس من تموز - يوليو - القدرة الفائقة للحكومة الجزائرية التي استطاعت في الوقت المناسب أن تعبىء شعور المسلمين جميعا في الجزائر، والواقع أن المسلمين في الجزائر يعتبرون أن الحكومة الجزائرية هي حكومتهم الشرعية ... وأن اليوم الخامس من تموز - يوليو - كان انتصارا مجيدا للثورة، من الناحيتين السياسية والمعنوية). وكان مدير دائرة الأنباء في الإدارة الفرنسية في الجزائر - السيد كودي فرجيك - قد توقع نجاح الإضراب، من قبل أن يبدأ هذا الإضراب بقوله:(إن مائة في المائة من المسلمين في الجزائر سيلبون نداء الإضراب، وقد جاء الإضراب ليشل شللا كاملا النشاط الاقتصادي في جميع البلاد)(١).
...
لقد أعلنت (الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية) الإضراب احتجاجا على (مشاريع التقسيم) في يوم (٥ تموز - يوليو -
(١) قصة الثورة الجزائرية - أحمد الشقيري - دار العودة - بيروت - ص ١٤٧.