في سنة ١٩٥٨، على تغيير أنظمة الحكم وعملياته في فرنسا تغييرا جذريا - على نحو ما سبقت الإشارة إليه -، وفصل دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة أساسا حتى يناسب شخصة (ديغول) الفريدة، وقد أهمل أو عطل كثيرا من الطابع الديموقراطي الذي كانت تتسم به إدارة الحكم الفرنسي. وبينما ساعدت هذه التغييرات (ديغول) على معالجة كثير من المشاكل الخطيرة التي واجهت فرنسا، فقد جعلت فرنسا أيضا تعتمد عليه باطراد. والحقيقة البسيطة هي أنه لم يعد في فرنسا شخص يمتلك القوة ليأخذ السلطة من (ديغول)، وظهر أنه من غير المحتمل أن تعود الديمقراطية التقليدية بطريقة نظامية إلى فرنسا دون تسوية للحرب الجزائرية، وفي ظل هذه الظروف، يتعلق الأساس الذي تقوم آمال الغرب في وجود فرنسا قوية، بأكتاف الجنرال (ديغول) تماما، كما يتعلق به أي أمل في تسوية للحرب الجزائرية.
تعلم المستوطنون، من ناحيتهم، درسين هامين، أولهما: أنهم فقدوا التأييد الشعبي الذي كان لهم يوما في فرنسا، وبدون هذا التأييد، لم يكن باستطاعتهم فرض إرادتهم على الحكومة الفرنسية. والدرس الثاني: أنه على الرغم من أن لهم بعض التأييد الواضح في صفوف جماعة ضباط الجيش المحترفين، إلا أن هذا التأييد لا يصل إلى درجة كافية من القوة لتقييد أيدي (ديغول) أو إضعاف تحركه. وقد انهارت آمال المستوطنين في الإنقلاب، في اليوم الأول، حين رفض الجيش الاشتراك فيه بصورة إيجابية. وبارغم من أن المستوطنين لم يكونوا قد فقدوا الأمل، بأي شكل، فقد باتوا، لأول مرة، عاجزين عن ممارسة (الفيتو) ضد سياسة الحكومة.