وفقد الجيش الإسلامي أكثر من نصف قوته واضطرت بقية قوات الحملة للانسحاب يوم ٨ أيلول - سبتمبر - ١٥٦٥م.
بقيت الجزائر المجاهدة مصدر قلق دائم لحكام إسبانيا، الذين لم يجدوا وسيلة إلا اتبعوها ولا طريقة إلا مارسوها لقهر تطلعات الشعب المسلم، غير أن التحديات لم تزد المقاومة إلا ضراوة وعنادا. وقد يكون من المناسب الإشارة إلى تلك العملية التي أخذت شكل (إغارة مباغتة) على الجزائر بهدف النيل منها، وتعود قصة هذه الإغارة إلى شهر تشرين الأول أكتوبر - سنة (١٥٦٧م) عندما تقدم أحد قراصنة البحر الإسبانيين الشهيرين (واسمه خوان قاسكون من بلسية) وقابل الملك الإسباني. وعرض عليه مشروع (إغارة) مباغتة بواسطة سفينتين فقط يتم بهما احتلال الجزائر. واعتمد مخطط الإغارة على الإفادة من ظلمة الليل للتسلل إلى داخل مرسى مدينة الجزائر، ثم القيام بإشعال النيران في الأسطول الجزائري، والإفادة من حالة الهياج التي تعقب ذلك لاقتحام المدينة وإطلاق سراح الأسرى المسيحيين فيها وتسليحهم والإفادة من قوتهم للاستيلاء على مدينة الجزائر وتدمير المقاومات فيها والسيطرة عليها حتى يتم وصول الأسطول الإسباني الذي يحمل الجيش والإمداد. ورأى الملك الإسباني أن هذه المغامرة لن تكلفه كثيرا، فإذا ما هي نجحت، أمكن لها أن تحقق ما عجز شارلكان عن تحقيقه، وإن هي فشلت، فإنما هي خسارة قلية لا تقارن بما يتوافر لها من فرص النجاح، وبالإضافة إلى ذلك فإنها قد تسبب إزعاجا وخسارة للجزائر تزيد في قيمتها على الثمن أو الجهد المبذول. وهكذا خرج (خوان) من إسبانيا يوم الأول من تشرين الأول - أكتوبر - ووصل إلى (مرسى الجزائر) ليلا بعد أربعة أيام، وكانت ظلمة الليل حالكة، فاستطاعت السفينتان التسلل إلى