ولقي الملوك الثلاثة قادة المعركة حتفهم، فكان السلطان عبد الملك أول شهيد فيها، غير أن حاجبه المملوك (رضوان العلج) أخفى خبر وفاته وقاد المعركة باسمه إلى أن تم النصر وعندئذ أعلن على الناس الخبر المحزن. وقتل الملك (سباستيان) غرقا وهو منهزم في وادي المخازن. وحاول (محمد المتوكل) النجاة بنفسه بعد أن شهد الدائرة وهي تدور على حلفائه، فخاض نهر المخازن في محاولة للفرار بعيدا عن المعركة، فابتلعته مياه النهر.
وبايع الناس يومئذ في إجماع رائع، شقيق عبد الملك (الأمير أحمد) والذي لقب فيما بعد بالمنصور، وكان أكبر معين لشقيقه الشهيد، فبادر بمراسلة ملوك المسلمين وعظمائهم وأعلمهم بالنصر العظيم. وتلقى منهم التهاني، وكان أول من وفد عليه رسول صاحب الجزائر، وأرسل له (السلطان مراد) هدية، فاستقلها ولم يعبأ بها، وقطع الخطبة للخليفة العثماني، ثم توالت الرسائل بين السلطانين فتصالحا واستقر الأمر للخلافة السعدية على أرض المغرب الأقصى.
تمخضت هذه الأحداث التي انتهت بانتهاء القرن السادس عشر، عن مجموعة من المتحولات أبرزها:
١ - فشلت الصليبية الإسبانية فشلا تاما في تحقيق أهدافها على أرض المغرب العربي الإسلامي ولم يبق لها بعد توسعها الكبير إلا (قاعدة وهران ومرساها الكبير).
٢ - استقرار سلطنة الأشراف السعديين في المغرب الأقصى بصورة ثابتة ووطيدة. وظهور كيان دولة الجزائر كدولة مستقلة خاضعة اسميا للإمبراطورية العثمانية، شأنها في ذلك شأن تونس وطرابلس ومصر وبقية بلاد العرب والترك، ولو أن الجزائر تمتعت