والتأييد، ولا ريب أن عواطف التونسيين كانت مع الشعب الجزائري في معركته، كما كان كثير من الجزائريين يريدون من تونس أن تحارب إلى جانبهم لتحقيق استقلال البلدين، ولكن الرئيس التونسي (الحبيب بورقيبة) كان يعتقد بأن في مقدوره تحقيق الاستقلال لبلاده الصغيرة بالصبر والأناة وعلى مراحل، ودن حاجة إلى العنف وسفك كثير من الدماء في حرب عامة شاملة؛ وقد قدم (بورقيبة) إلى إخوانه الجزائريين كل عون ممكن باستثناء الاشتراك في الحرب. وعندما وقع العدوان الفرنسي على (ساقية سيدي يوسف) كان عدد المجاهدين الجزائريين في تونس يزيد كثيرا على عدد أفراد الجيش التونسي الصغير، وكان المجاهدون الجزائريون يستخدمون هذا الملجأ الأمين للتدريب والاستجمام - للجرحى والمرضى - وتجميع السلاح والنقل. وعلى هذا فقد بات من المحتمل جدا امتداد جبهة الصراع لتشمل المغرب كله، لا سيما وأن القيادة العسكرية في الجزائر كانت تمارس عملها بحرية، ومن غير الرجوع إلى الحكومة الفرنسية التي كان عليها احتمال
مسؤولية كل فشل عسكري من غير أن يكون لها رأي فيه. وقد قبلت الحكومتان الفرنسية والتونسية وساطة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، لإيجاد تسوية لحادث (ساقية سيدي يوسف) وقضية (طلب تونس جلاء جميع القوات الفرنسية عن أراضيها)، واستمر ممثل الولايات المتحدة (المستر مورفي) وممثل بريطانيا (المستر هارولد بيلي - الذي عين بعد ذلك سفيرا لبريطانيا في القاهرة) يتنقلان الأسابيع الطوال بين تونس وباريس في محاولة للوصول إلى حل وسط. وقدمت الحكومة التونسية في أثناء هذه المباحثات، إلى المبعوثين الأمريكي والبريطاني وجهات نظرها