هذه منذ البداية، بل أعلنت استنكارها للاستفتاء على أنه تزييف للنظم الديموقراطية، وكما وقع في معركة (مدينة الجزائر - ذاتها)، فإنه لم تكن كفتا الميزان في معركة الاستفتاء متعادلتين، ذلك لأن وطأة ضغط الجيش الفرنسي وقعت على المدنيين من الجزائريين، وهم أقل قدرة على المقاومة والاحتمال، وكان على (جيش التحرير الجزائري) أن يختار بين أحد أمرين، إما أن يستخدم القوة لمنع الشعب الجزائري من الاشتراك في الاستفتاء، أو أن يسمح لهم باتخاذ موقف (عمل ما يمكن عمله) ليجنبهم عنف الجيش الفرنسي وإرهابه، وقد ترك جيش التحرير الوطني الجزائري اتخاذ القرار النهائي للقادة المحليين، وبالطبع، آثر الكثيرون منهم عدم اتخاذ أي إجراء عسكري، فجاءت نتيجة الاستفتاء الظاهرة، بانتصار الفرنسيين شيئا مؤلما لهم.
لم تكن (جبهة التحرير الوطني) - بدهيا - فانطة كل القنوط من نتائج معركة الاستفتاء؛ فمنذ اللحظة الأولى التي تولى فيها الجنرال (ديغول) السلطة، قامت جبهة التحرير بتخظيط استراتيجية دقيقة تستهدف إعلاء مكانتها، وتوطيد دعائم ثقة الجزائريين، بقدرتها على مقاومة أية حكومة فرنسية مهما كانت قوية. وفتحت (جبهة التحرير الوطني) في شهر آب - أوت - (جبهة قتال) ثانية في فرنسا ذاتها، ووقعت سلسلة من الهجمات الرائعة على المؤسسات العسكرية والبوليسية، والأهداف الاقتصادية بما في ضمنها مخازن النفط ومستودعاته، مما أشار إلى قوة جبهة التحرير الوطني في الأرض الفرنسية ذاتها، وأدى اعتقال عدد كبير من العمال الجزائريين وتعذيبهم الى توسيع الخلاف بين الفرنسيين وشعب المغرب العربي - الإسلامي.