وطرائق الحروب الثوروية. وكانت هذه الظاهرة هي التي أذهلت قادة الصليبيين الإسبانيين الذين اعترفوا في مناسبات كثيرة (بأنهم لم يعرفوا مثل هذه الحروب) على الرغم من استمرار صراعهم مع المسلمين. ولم يكن ذلك إلا بسبب اعتماد الجزائر المجاهدة على أسس (العقيدة القتالية الإسلامية) والتي شكلت ما يطلق عليه في العصر الحديث اسم (الأصالة الثوروية) وهي الأصالة التي كان لها دورها الثابت في مجابهة كل ما تعرضت له الجزائر من قبل ومن بعد.
وقد يصاب المرء بالذهول وهو يطالع ما جابهته الجزائر المجاهدة عبر تاريخها الطويل، وما تعرضت له من غزوات واعتداءات. لقد كانت وباستمرار في (حرب طويلة الأمد) لا تكاد تنطفىء معاركها حتى تتجدد بقوة أكبر وبعنف أعظم، واشتركت في هذه الحرب الطويلة الأمد، كل شعوب الأرض، فإذا كانت إسبانيا الصليبية هي التي تزعمت الحرب الصليبية ضد الجزائر وتركت للبرتغال قيادة هذه الحرب في المغرب الأقصى، فإن الدول الأوروبية الأخرى لم تلبث أن جاءت بدورها للإسهام في هذه الحرب الشاملة، حتى أمريكا ذاتها لم تلبث أن جربت حظها في العدوان على الجزائر المجاهدة الصابرة المحتسبة. وانتصرت الجزائر على كل أعدائها. وبقيت (الجزائر المحروسة) نجما يتألق في سماء (المغرب العربي الإسلامي) وكوكبا متوهجا يضيء دنيا الإسلام والمسلمين.
لقد بقيت (الجزائر المحروسة) لأنها حفظت الإسلام فحفظها الإسلام.
وعرفت (الجزائر المحروسة) تلك العلاقة الجدلية الثابتة أيضا بين دفاعها من الإسلام والمسلمين، وبين دفاع الإسلام والمسلمين