استعادة (القوط) عاصمتهم القديمة هي نقطة التحول في الصراع، وذلك للانتقال من الدفاع الشامل إلى الهجوم الشامل.
أعقب ذلك حركة إفاقة إسلامية عمل لها المعتمد بن عباد - حاكم إشبيليا وأقوى أمراء الطوائف - وأبرزها أمير المرابطين (يوسف ابن تاشفين). وتجلى ذلك في معركة الزلاقة سنة (١٠٨٦ م). واشتدت دعوة الفرسان المسيحيين للقدوم إلى إسبانيا لمحاربة المرايطين. وبذل البابا (إيربان الثاني) المساعدة وأخطر الحجاج بأنه من الخير لهم إنفاق أموالهم لمحاربة المسلمين بدلا من إنفاق هذه الأموال في الحج إلى
فلسطين. واستمرت الحملات الموجهة إلى الأندلس وتحولت إلى حملات منتظمة بعد انتزاع (وشقة) من المسلمين سنة (١٠٩٦م) وباربسترو - أو بربشتر - سنة ١١٠١.
ولم ينته القرن الحادي عشر، حتى تحولت فكرة الحرب المقدسة إلى اتجاه عملي، إذ أن الفرسان والمحاربين المسيحيين لقوا التشجيع من السلطات الكنسية بأن يتخلوا عن منازعاتهم الصغيرة، وأن يتوجهوا إلى أطراف العالم المسيحي لقتال الكفرة (المسلمين). ولم يحد البابا صعوبة في توطيد سلطته على ما قام من الكنائس بالأندلس مع كل انحسار للمسلمين وتراجع فوق الأرض الأندلسية.
مضت عشر سنوات على سقوط طليطلة، وعقد مجمع بياكنزا بزعامة البابا (إيربان الثاني) في سنة ١٠٩٥، وأعقب ذلك انعقاد مجمع (كليرمونت) وهو المجمع الذي ضم ثلاثمائة من رجال الدين.
وأعلنت الحرب الصليبية بنداء البابا (فلينطلق المسيحيون بالغرب لنجدة الشرق). وانتظمت الحملات المتتالية التي استمرت مائتي سنة. (١٠٩٩ - ١٢٩١م) والتي عانى المشرق الإسلامي منها ما هو معروف من النكبات والكوارث.