للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإفرنسيين. وقد وقعت مهمة القيام بهذه العملية الصعبة على عاتق (لوفيبور دوسيريزي) الذي وصل في نيسان - أبريل من سنة ١٨٢٩م. وفي غضون عام ١٨٢٩ أيضا وصل إلى مصر (مسيو بوكي ديشان) والسيدة (إيد سانت إيلم) اللذان خلقا وضعا ظريفا ومسليا لإقامتهما، وكان الهدف البعيد لهذا الغزل الإفرنسي المصري الطويل هو احتلال المغرب العربي - الإسلامي - (أو الدويلات البربرية كما كانت تسميها فرنسا). وبعد هذه المكاسب الأولى التي حققها - دروفيني - حاولت بعثتا (هودر - و - لانفسدورف) دفع محمد علي إلى هذه المغامرة الإفريقية ضد مقاطعات شبه مستقلة. إلا أن رفض باشا مصر كان مهذبا. فقد كان هناك سببان رئيسيان لإيقافه عن سلوك هذه الطريق الخطرة والبعيدة: أولهما التحالف مع أمة مسيحية ضد المسلمين، وثانيها، إدراكه بأنه يستعمل أداة لهذا الاحتلال. ولقد صرح أمام دروفيني: بأن مثل هذا التحالف قد يكون قاضيا بالنسبة إليه، وأن العالم الإسلامي قد يتخلى عنه ساخطا. ثم أنه كان يعرف مدى معارضة إنكلترا لمثل هذا التوسع الإفرنسي وهو الذي كان يعير السياسة الإنكليزية - طوال حياته - حذرا حقيقيا) (١).

وإذا كانت فرنسا لم تكسب إقحام قوة محمد علي في المغرب العربي الإسلامي، فيكفيها منه أنها عزلت المغرب العربي الإسلامي عن الإمبراطورية العثمانية، وضمنت حياد قوة مصر عند تدخلها ضد دول المغرب.


(١) G.DOUIN (L'EXPEDITION D'ALGER) PARIS ٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>