الاحتلال الإفرنسي فشل وعاد نابليون لفرنسا ليتابع الصراع من أجل (عظمة فرنسا) وانتصرت الأحلاف التي نظمتها إنكلترا على نابليون في واترلو (١٨١٥) وأعيدت الملكية إلى فرنسا في شخص لويس الثامن عشر، الذي توفي سنة (١٨٢٤) ليترك لخلفه (شارل العاشر) أعباء التركة الثقيلة. ولم تفلح فرنسا في كل حروبها حتى الآن في اقتحام الحصار الاقتصادي الذي فرضته عليها إنكلترا، فاستمرت في البحث عن أسواق لتجارتها وعن موارد المواد الأولية لصناعتها.
كانت علاقة فرنسا بالخلافة العثمانية جيدة طوال هذه الفترة، فقد وقفت إستانبول إلى جانب باريس أثناء صراعها ضد الإسبانيين في حروبها المتتالية (منذ أيام شارلكان أو شارل الخامس) ومنحتها (امتيازات قنصلية) للتجارة مع أقاليم العالم الإسلامي. ووقفت الجزائر إلى جانب فرنسا في أصعب الظروف وأقساها. وقدمت لها الدعم والعون كلما احتاجت لهذا الدعم. وكانت فرنسا قد أقامت لها من قبل أسواقا تجارية (مؤسسات) في عنابة والقالة ورأس بونة والقل. وكانت هذه المؤسسات تدفع ضريبة سنوية متفقا عليها إلى دار الخلافة العثمانية من جهة، وإلى باي قسنطينة من جهة أخرى نظرا لقيام هذه المؤسسات على أرض ولايته. وكانت فرنسا مقابل ذلك تتمتع بحق صيد المرجان وتصدير الحبوب إلى أوروبا (١). وقد تطورت هذه العلاقات لمصلحة فرنسا في فترة الثورة الإفرنسية، حيث اعترفت الجزائر بالجمهوية الإفرنسية الجديدة في وقت كانت فيه تحت الحصار الأوروبي المحكم. وتكونت بين الدولتين علاقات ودية خاصة باستثناء فترة الحملة الإفرنسية على مصر (١٧٩٨ - ١٨٠٢) حين طلب
(١) HISTOIRE DE LA CONQUETE D'ALGER (A. NETTMENT) PARIS ٥٦. P.P ٩٦ ١٠٢.