بلغت تكاليف الحصار الإفرنسي للجزائر سبعة ملايين فرنكا في السنة، وظهر احتمال قيام إنكلترا وإسبانيا بالحرب ضد فرنسا إن هي تحولت عن الحصار فقامت بحملة عسكرية، كما تغيرت الحكومة الإفرنسية يوم ٤ كانون الثاني - يناير - ١٨٢٨ م. وتضافرت هذه العوامل فأقنعت الحكومة الإفرنسية بمتابعة الجهد الهادىء والمماطلة في الأمر عن طريق فتح باب المفاوصات مع الجزائر لرفع الحصار بطريقة مشرفة. وذهبت بعثة إلى الجزائر يوم (٢٩) نيسان - أبريل - ١٨٢٨ م، برئاسة الضابط (بيزار) لاستئناف المفاوضات. غير أن البعثة فشلت في مهمتها بسبب إصرارها على إرغام الباشا بدفع تعويضات لفرنسا. ولكن فرنسا عادت فأرسلت بعثة أخرى برئاسة (بيزار) ذاته، وتكرر الفشل بسبب رفض الباشا لأحد الشروط الإفرنسية الأساسية والتي تقضي بإرسال وزير من حكومته إلى باريس للاعتذار، واشترط الباشا أن يفعل ذلك بعد توقيع معاهدة الصلح مع فرنسا. أما الإفرنسيون فقد وضعوا مسؤولية الفشل على عاتق القنصل السرديني في الجزائر والذي كان يرعى المصالح الإفرنسية، وزعموا أن (طيبته) و (سلامة نيته) هما سبب هذا الفشل، كما حاولوا الحاق السبب أيضا إلى نشاط القنصل الإنكليزي المضاد لفرنسا، ولم ينسو إلحاق نسبة من الفشل بالمترجم اليهودي (دوران) الذي اتهموه بعدم نقل الحقيقة.
عاد الإفرنسيون إلى متابعة دراسة (مشروع الحملة ضد الجزائر) بعد أن فشلت المفاوضات. وقام وزير الحربية الجديد (دوكو) بتكليف لجنة خماسية (بدراسة المسائل المتعلقة بحملة ضد الجزائر، وتقديم خطة كاملة للعمل، وتعيين الوسائل الضرورية