للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقام فيها ثلاثة أيام كان فيها محل رعاية خاصة. فكان أهلها يأتون إليه كل يوم بالأطعمة والألبسة وبعض مصنوعاتهم. ولكن السلطات الإفرنسية خشيت العاقبة، فمنعت الأعيان من زيارته وقدمتهم إلى المحاكم العسكرية. ثم نقلت (الحاج أحمد) إلى العاصمة عن طريق (سكيكدة). وهناك عينت له أحد المترجمين لمرافقته (وهو الضابط دي روزي) وعينت له ولأهله دارا لإقامته، وخصصت له مبلغ (١٢) ألف فرنك فرنسي سنويا لتغطية نفقاته. غير أنها لم تنفذ وعدها بإطلاق حريته، فبقي سجينا - تحت الإقامة الإجبارية حتى وافته منيته في الجزائر (سنة ١٨٥٠ م) ويوجد قبره الآن في زاوية (سيدي عبد الرحمن الثعالبي) وسط مدينة الجزائر، ولعل موته لم يكن طبيعيا.

...

حاول (الحاج أحمد) إقامة دولة تعتمد على تأييد السلطان العثماني، وتأييد الأرستقراطية المحلية فحافظ على النظام العثماني، وطلب مساعدة السلطان حتى يعطي لحكمه الهيبة والشرعية. وحاول بعد احتلال الجزائر توسيع قاعدة حكمه بتأييد الجماهير له، فكان لا يقرر شيئا هاما إلا بالرجوع إلى العلماء والأعيان وشيوخ القبائل وقادة الجيش، وإذا كان قد اعتمد في بداية أمره على الجند العثماني، فإنه لم يلبث بعد الاحتلال أن غير رأيه وتخلص من هذا الجند، معتمدا على العرب الذين أراد أن يشكل لهم دولة يكونون هم سادتها. ولم يحاول (الحاج أحمد) أن يوسع سلطانه حتى يشمل الجزائر كلها، فبقي مكتفيا، سواء في مفاوضاته مع الإفرنسيين أو في مراسلاته مع السلطان العثماني بحدود إقليمه (قسنطينة) خلافا لما كان يعمل له (الأمير عبد القادر) أو حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>