ثانيها:(الدوائر) وفيها المدنيون من شعبه والنساء والأطفال والباعة والصناع.
ثالثها:(المحلة) وهي معسكر الجند المحارب ومضارب صنع السلاح، ومستودعات الذخائر والمؤن وبها مكان فسيح لاجتماع المجلس العام. واتخذ (الأمير عبد القادر) فيها مسجدا ونظم مضارب الباعة وأهل السوق، تضرب بعيدا عن الزمالة والدائرة والمحلة. فكانت تستحضر إليها الذخائر وما يلزم الإنسان من صنوف البضائع، وما تدعو الضرورة إليه لجميع الحرف. وبالجملة فقد كانت الزمالة ومتعلقاتها على أتم ما يكون من الانتظام والالتئام المدني، وكان لها منظر جميل ترى منازلها من بعيد كأنها مدينة حافلة ذات قصور مشيدة وأبنية جليلة.
وتعتبر (الزمالة) مركزا حربيا، ومقرا مدنيا، بها مائتا ألف نفس، وكان الأمير يبث من هذه المدينة المتحركة عيونه (جواسيسه) ويرسل منها بعوثه، وفيها يستعد للحرب. ولم تزل تزداد قوة وتتسع حتى أصبحت ملجأ عظيما وحصنا منيعا. وقد عين لحراستها وحماية حوزها أربع قبائل من العرب وفرقة من الجند النظامي. ولقد طارت شهرة هذه المدينة المتحركة (الزمالة) التي كانت تملأ النجود والأغوار وهي تتردد بين الحل والترحال، بين الإقامة والانتقال. وقد حرص الأمير على جعل نظام التعسكر محترما من الجميع، ومنظما تنظيما دقيقا. وفي ذلك يقول: (عندما أضرب خيمتي يعرف كل أحد المكان الذي يشغله. لقد كان معي ثلاثمائة أو أربعمائة جندي نظامي، إلى جانب الفرسان غير النظاميين من بني هاشم - الاغريسيين - الذين كانوا مخلصين لي إخلاصا شديدا. ولم يكن من السهل الوصول إلي.