وكان الأمير عبد القادر في هذه الفترة قد بدأ اتصالاته مع الإفرنسيين لتوقيع (هدنة) فأجاب (الحاج موسى) بأنه اتفق مع الإفرنسيين. وأن دينه يأمره بتنفيذ الاتفاق، وأنه يمنع (الحاج موسى) منعا باتا من أن يمر على أراضيه عند تقدمه لمهاجمة الإفرنسيين. ومضت ثلاثة أيام ظهر للحاج موسى بعدها أن يهاجم الأمير، فخاض ضده معركة قصيرة وحاسمة، انتهت بمصرع (٦٠) مقاتلا من رجال الحاج موسى ووقوع (٩٥) أسيرا في قبضة الأمير عبد القادر. الذي أسرت قواته أيضا (٢٦٠) امرأة وولدا، واضطر (الحاج موسى) للانسحاب تاركا وراءه الغنائم والمواشي لخصمه الأمير عبد القادر الذي استثمر الموقف فأسرع بالاستيلاء على (المدية) ودمر جميع الذين أيدوا الحاج موسى ووقفوا إلى جانبه، وبصورة خاصة منهم الكراغلة.
كان الجنرال (تريزيل)(١) قائد وهران يتابع الموقف، وفي اعتقاد أن القبائل ستنتصر على الأمير عبد القادر وعندئذ يمكنه قيادة قواته ضدها لتدميرها، وبذلك يكون قد شارك في هزيمة الأمير، وفي كسب مناطق شاسعة يضمها للحكم الإفرنسي. ومن أجل ذلك نظم شبكة من الجاسوسية لزيادة تدهور الموقف، ودفع لجواسيسه مبالغ طائلة، كما وجه رسائل إلى زعماء القبائل تحمل وعودا وأمنيات مغرية. غير أن الأخبار وصلته بسرعة وهي تشير إلى انتصار الأمير على منافسيه، ليس ذلك فحسب، بل إن بعض القبائل انضوى تحت راية الأمير. وعندئذ أسرع (تريزيل) فوقع معاهدة مع (ود بن إسماعيل) زعيم (الدوائر والزمالة)
(١) تريزيل: (CAMILLE TREZEL) جنرال فرنسي من مواليد باريس (١٧٨٠ - ١٨٦٠) اكتسب شهرة في الجزائر، وبصورة خاصة في معركة المقطع (١٨٣٥) وأصبح وزيرا للحرب في فرنسا سنة ١٨٤٧ م.