فلعلك تصبح سلطانا في يوم من الأيام). وعندما تقدم النهار، جاء بعض الرؤساء الذين كانوا قد فروا. فنظر إليهم عبد القادر باحتقار - وأخيرا تشجع أحدهم، وسأله، ما إذا كان عنده أوامر جديدة لهم فتعجب قائلا:(أوامري! نعم، إن أوامري هي أن تعفونى في الحال من ذلك العبء الذي ألقيتم به على عاتقي، والذي ساعدني ديني وإيماني على حمله حتى هذه الساعة. دعوا القبائل تختار خلفا لي وتعلم الحاج الجيلالي بالنتيجة، أما أنا فإنني ذاهب مع عائلي إلى المغرب الأقصى). وفي حركة واحدة جثموا، رؤساء واتباع، أمامه والتمسوا منه برجاء حار العفو عن الماشي. ووعدوه بإخلاص على متابعة الجهاد معه، وتقديم الدعم له. وأشرق وجه الأمير بنور أضاء أعماق نفسه وقال لهم:(فليفعل الله ما يشاء! ولكن تذكروا أنني أقسم أن لا أدخل مدينة معسكر باستثناء الجامع - حتى تثأروا لهزيمتكم النكراء. لقد كان الأحرى بكم أن تواظبوا على الجهاد حتى تنقذوا بلادكم من براثن العدو وتعيشوا أحرارا، أو تموتوا عن آخركم فتحرزوا الشهادة) واستعاد الأمير سلطته، فأرسل في الليلة ذاتها مجموعة من الرسل إلى كافة القبائل تدعوهم إلى الجهاد مجددا. وفي الغد، انبرى عبد القادر على رأس قوة من (٦) آلاف فارس. وهدفه الوصول إلى (تلمسان) لحمايتها ومنع الإفرنسيين من الوصول إليها، غير أنه كان لا بد له في الوقت ذاته من خوض مجمرعة من المعارك ضد تلك القوى التي ارتضت لنفسها الاستظلال بحماية الإفرنسيين والخضوع لحمايتهم.