تملكتها هذه الحقيقة لا تستطيع إلا أن تكرر النصيحة التي غالبا ما وجهتها للباب العالي باتباع سياسة التريث بانتظام، وهي التي تبدو أكثر ملاءمة لمصالح تركيا الحقيقية، وللحفاظ على استقرار الشرق عامة).
لقد سمحت سياسة الاستقرار في الأزمة الشرقية للباب العالي وللدول الأوروبية أن تنفذ سياساتها الاستراتيجية بهدوء، فكانت الفترة ما بين ١٨٣٤ و١٨٣٨ فترة هدوء نسبي لم يعرف الشرق مثلها منذ أعوام طويلة. وأفاد محمد علي من ذلك لتدعيم قواته والقيام بجولات تنظيمية في مصر وحتى في جزيرة كريت التابعة لسلطته. وأفاد الإفرسيون من ذلك لتطوير عملية (فرنسة مصر) عن طريق توظيف أكبر عدد ممكن من مواطنيهم في خدمة الوالي، وفي شتى فروع الإدارة. مبعدين من هذه الميادين سائر الأجانب. وفرضت إنكلترا نفسها فأصبح جانبها مرهوبا في الإسكندرية كما في القسطنطينية. ووضعت النمسا تحت تصرف والي مصر هيئة من الخبراء في الجيولوجيا لتجوب لبنان ومصر بحثا عن الثروات المعدنية. في حين بقيت روسيا واقفة تراقب مسيرة الأحداث وهي سعيدة بانقسام الإمبراطورية العثمانية وضعفها. وكانت بروسيا تدخل مسرح الأحداث، فتضع تحت تصرف الباب العالي أول بعثة عسكرية مهمتها إعادة تنظيم الجيش العثماني.
ونتيجة لذلك، ظهرت حتمية تجدد الصراع بين الباب العالي والوالي محمد علي، وقد ظهر ذلك واضحا في رسالة القنصل الروسي في ٢٣ أيار - مايو - ١٨٣٦ وفيها: (... يظهر بوضوح أنه ستطرأ عما قليل تطورات خطيرة على الأوضاع في المشرق، فالبحث يجري في