الجنود، وطرد المواطنين من بعض المناطق، مثيرين بذلك بحسب الشواهد الموثوقة حالة من الذعر بين المواطنين الذين ارتفع لديهم الحقد حتى بلغ ذروته. وقد عمل بعض العسكريين على قرع الأجراس، محذرين من الخطر الناجم عن قصور المدنيين إداريا وعدم, كفاءتهم. غير أن قادة الجيش - الضباط - يبتعدون بأنفسهم أيضا عن المسلمين، ويبعدون المسلمين عن مناطقهم. ويحرمونهم من رفع شكاواهم أو التذمر أمام محاكمنا، ولا يتورعون عن إزدراء زعماء المسلمين وتحقيرهم بصورة خطيرة).
وكانت الحكومة الإفرنسية تطالب رجال إدارتها في الجزائر بالاعتدال، وهو ما أكده (راندون) الذي أوضح هدف الاعتدال بقوله: (إن تكتيك الاعتدال هو أمر ضروري لسحق الأفعى أو خنقها) وكان المدنيون يهاجمون العسكريين: (بأنهم يعملون على إشعال نار الثورة، وإثارة الاضطراب، حتى يطيلوا أمد العداء ويزيدوا من عمقه). أما الإمبراطور نابليون، فكان يوصي حاكم الجزائر بقوله:(عليكم إجراء التغييرات بهدوء، ودونما أي ضجيج قدر المستطاع)(١) وعندما انفجرت الحرب الأهلية في لبنان والشام، إنعكست على صفحة الجزائر، حيث صرح حاكم الجزائر يوم ١٩ أيلول - سبتمبر - ١٨٦٠ بما يلي:
(يتلخص واجبنا الأول بتأمين السعادة لثلاثة ملايين عربي، وضعتهم قوة السلاح تحت هيمنتنا ... إن واجبنا هو الارتفاع بمستوى العرب إلى مرتبة الرجال الأحرار. ونشر التعليم فيما بينهم
(١) رسالة من محفوظات وزارة الحرب الإفرنسية تاريخها ١٤ تشرين الثاني - نوفمبر - ١٨٦٠.