للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومزارعهم وإبادة لحيواناتهم. وانطلقت القوات الاستعمارية بعد ذلك من جرجرة والبابور إلى جهات كثيرة من البلاد.

استمرت سياسة الغزو والتوسع الاستعماري طوال عشرين سنة رافقت عهد الإمبراطورية الثانية، وعانى الجزائريون ويلات الحروب والتشرد والدمار. غير أن هذه السياسية لم تكن إلا وسيلة لتطبيق أساليب الهجرة التي فتحت أمام الأوروبيين عامة وأمام الإفرنسيين خاصة لتوطينهم في الجزائر المحتلة. ولقد ارتبطت عملية الهجرة والاسيطان بعملية الاستعمار، منذ البداية. غير أنه ما أن تم الإعلان عن قيام إمبراطورية نابليون الثالث (في تشرين الثاني - نوفمبر - ١٨٥٢) حتى فتحت حكومة الإمبراطور أبواب الجزائر على مصاريعها أمام أفواج المجرمين العاديين والخصوم السياسيين وزعماء المعارضين وكل المغامرين والطامعين، وخلاصة القول، فقد حاولت الحكومة الإمبراطورية حل كل مشكلاتها دفعة واحدة على حساب الجزائر. ونشطت حركة الهجرة بعدئذ، حيث تقرر تهجير مائة ألف أوروبي، واعتمد المجلس الوطني الإفرنسي مبلغ خمسين مليون فرنك لإنشاء مراكز استيطانية ومستعمرات أوروبية. وتم تخصيص الأراضي للمهاجرين من ٢ - ٢٠ هكتارا، بالإصافة إلى المنازل والحيوانات والآلات. وبلغ عدد القرى الاستعمارية التي أنشئت فيما بين أعوام ١٨٥١ و ١٨٥٧ ما مجموعه ثمان وستين قرية (١).


(١) كانت الحكومة الإفرنسية مرغمة على إيجاد الحوافز لتشجيع الهجرة، وقد أثار ذلك انتباه جيروم بونابرت الذي قال: (يكلف جهاز الإدارة الإفرنسي الذي يضم - ١٨٠ - ألف أوروبي في الجزائر، بأكثر ما تبلغه موازنة بلجيكا بكاملها - السياسات الاستعمارية في المغرب - ص ٥٤ - كما جاء في الصفحة (٦٠) من المصدر ذاته ما يلي: تتطلب إقامة العائلة وتوظيفها مبلغ أربعة ألاف فرنك، وعلى هذا فالعائلة الإفرنسية التي تحصل على مبلغ كهذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>