للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العالم الإسلامي، وعزلها عنه، مع إفساح المجال أمام الأجانب لاستغلال الموارد الوطنية - ومن الامتيازات الضخمة التي اغتصبها الغربيون، توجيه الزراعة لمصلحة الاقتصاد البريطاني، والتحكم فيه، بما يتناقض مع مصلحة الوطنيين المصريين، وتحميل الشعب المصري نفقات الاحتلال البريطاني، ونفقات أجهزة الحكم البريطانية التي امتدت لتشمل كل فروع الدولة. وفرضت بريطانيا ثقافتها على مصر، تماما على نحو ما فعلته فرنسا في الجزائر، وإيطاليا في ليبيا، ولو أنه كانت هناك ثمة فوارق في الأساليب والطرائق.

ولعل حادثة (دنشواي) في دلتا مصر، والتي قتل فيها إنكليزي بضربة شمس. وقيام البريطانيين باستغلال الحادثة لإنزال أشد العقوبات بالفلاحين، وشنق أربعة منهم يوم ٢٨ حزيران - يونيو - سنة ١٩٠٦، مع جلد (١٧) مواطنا بالسياط بطريقة وحشية، هي حادثة كافية لتصوير التشابه بين الطرائق الاستعمارية كلها.

أفادت بريطانيا من ظروف الحرب العالمية الأولى، لتنفيذ مخططها في الإجهاز على الدولة العثمانية، بالتعاون مع حلفائها الأوروبيين، ففرضت على مصر نظام الحماية في ٤ آب - أغسطس - سنة ١٩١٤. وجعلت بريطانيا من مصر وشعبها أداة الهجوم على القوات العثمانية - الألمانية، حتى إذا ما انتهت الحرب، انصرفت الإدارة البريطانية في مصر، إلى إدارة البلاد عن طريق استثمار التناقضات بين الأحزاب بعضها ضد بعض أحيانا، وبينها وبين القصر في أحيان أخرى. ورافق ذلك اضطرابات مثيرة، لعل أبرزها تلك التي رافقت اعتقال الزعيم سعد زغلول وثلاثة من إخوانه في ٨ آذار - مارس - ١٩١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>