وَأَحْصَرَنِي إِذَا حَبَسَنِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الْبَقَرَة ٥٧٣ يُرِيدُ أَحْصَرَهُمُ الْفَقْرُ وَقِيلَ حَصَرَهُ إِذَا ضَيَّقَ عَلَيْهِ وَأَحْصَرَهُ إِذَا مَنَعَهُ شَيْئًا وَإِنْ لَمْ يُضَيِّقْ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَمَنْ مُنِعَ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الْبَلَدِ فَقَدْ حُصِرَ لِأَنَّهُ ضُيِّقَ عَلَيْهِ أَوْ مُنِعَ مِنْ دُخُولِهَا فَقَدْ أُحْصِرَ قَالَ وَلِلْمُحْصَرِ بِعَدُوٍّ خمس حالات يَصح الْإِحْلَال فِي ثَلَاث وَيمْنَع فِي وَجْهٍ وَيَصِحُّ فِي وَجْهٍ إِنْ شَرَطَ الْإِحْلَالَ فَالثَّلَاثَةُ أَنْ يَكُونَ الْعَدُوُّ طَارِئًا بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَوْ مُتَقَدِّمًا وَلَمْ يَعْلَمْ أَوْ عَلِمَ وَكَانَ يَرَى أَنَّهُ لَا يَصُدُّهُ فَصَدَّهُ فَفِي هَذِه يجوز التَّحَلُّل لفعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِنَّهُ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَا يَصُدُّونَهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يَمْنَعُونَهُ أَوْ شَكَّ لَمْ يَحِلَّ إِلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الْإِحْلَالُ فِي صُورَةِ الشَّكِّ كَمَا فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَإِن صد عَن طَرِيقٍ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْوُصُولِ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّحَلُّلُ إِلَّا أَنْ يَضُرَّ بِهِ الطَّرِيقُ الْآخَرُ وَالْبُعْدُ لَيْسَ بِعُذْرٍ فَرْعَانِ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ الْمُحْصَرُ بِعَدُوٍّ غَالِبٍ أَوْ فِتْنَةٍ فِي الْحَجِّ أَوْ عُمْرَةٍ يَتَرَبَّصُ مَا رجا كشف ذَلِك ويتحلل بموضعه إِذا أيسر حَيْثُ كَانَ مِنَ الْحَرَمِ وَغَيْرِهِ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ نَحْرَهُ وَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا عُمْرَةَ إِلَّا الصَرُورَةَ فَعَلَيْهِ حَجُّ الْإِسْلَامِ وَإِنْ أَخَّرَ إِخْلَافَهُ إِلَى بَلَدِهِ حَلَقَ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا يَكُونُ مُحْصَرًا حَتَّى يَفُوتَهُ الْحَجُّ إِلَّا أَن لَا يُدْرِكَهُ فِيمَا بَقِيَ فَيَتَحَلَّلُ مَكَانَهُ قَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أُحْصِرَ ثُمَّ أَحْرَمَ لَا يحله إِلَّا الْبَيْتُ لِأَنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْمَنْعِ كَالْمُسَافِرِ يُصْبِحُ صَائِمًا فِي السَّفَرِ فَإِنْ تَقَدَّمَ الْإِحْرَامُ وَكَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْحَجُّ وَلَوْ لَمْ يُحْصِرْ لَمْ يَتَحَلَّلْ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ لَا مِنَ الْعَدُوِّ وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ الْمَانِعُ وَهُوَ كَافِرٌ وَلَمْ يُبْدِ الْقِتَالَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَين التَّحَلُّل والقتال لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يُقَاتل من صده مَعَ علوه الصَّادِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُم وأيدكم عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute