والمنقطع وضبطهما مُشْكِلٌ فَيَنْبَغِي أَنْ تَتَأَمَّلَهُ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْفُضَلَاءِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْمُنْقَطِعَ عِبَارَةٌ عَنِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلا الْمَوْتَةَ الأولى} مُنْقَطِعٌ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بَعْدَ إِلَّا هُوَ بَعْضُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَوَّلًا وَمن جنسه وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَة} مُنْقَطِعٌ مَعَ أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بَعْدَ إِلَّا هُوَ عَيْنُ الْأَمْوَالِ الَّتِي حُكِمَ عَلَيْهَا قَبْلَ إِلَّا بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ الْمُتَّصِلَ عِبَارَةٌ عَنْ أَنْ تَحْكُمَ عَلَى جِنْسِ مَا حكمت عَلَيْهِ أَولا بنقيض مَا حكمت عَلَيْهِ بِهِ أَولا فَمَتَى انحرم قَيْدٌ مِنْ هَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ كَانَ مُنْقَطِعًا فَيَكُونُ الْمُنْقَطِعُ هُوَ أَنْ تَحْكُمَ عَلَى غَيْرِ جِنْسِ مَا حَكَمْتَ عَلَيْهِ أَوَّلًا أَوْ بِغَيْرِ نَقِيضِ مَا حَكَمْتَ بِهِ أَوَّلًا وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْآيَتَيْنِ مُنْقَطِعًا لِلْحُكْمِ فِيهِمَا بِغَيْرِ النَّقِيضِ فَإِنَّ نَقِيضَ {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ} يذوقون فِيهَا الْمَوْت وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ بَلْ بِالذَّوْقِ فِي الدُّنْيَا وَنَقِيضُ لَا {تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} كُلُوهَا بِالْبَاطِلِ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ وَعَلَى هَذَا الضَّابِطِ تَخْرُجُ جَمِيعُ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ولسان الْعَرَب
الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِهِ
اخْتَارَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدّين أَن الْمُنْقَطع مجَاز وَفِيه خلاف وَوَافَقَهُ القَاضِي عبد الْوَهَّاب وَذكر أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ لَهُ عِنْدِي مِائَةُ دِينَارٍ إِلَّا ثَوْبًا مِنْ هَذَا الْبَابِ وَأَنَّهُ جَائِزٌ عَلَى الْمَجَازِ وَأَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى الْمَعْنَى بِطَرِيقِ الْقيمَة خلافًا لمن قَالَ إِنَّه مُقَدّر بلكن وَلِمَنْ قَالَ إِنَّهُ كَالْمُتَّصِلِ وَيَجِبُ اتِّصَالُ الِاسْتِثْنَاءِ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَادَةً خِلَافًا لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنهُ قَالَ الإِمَام فَخر الدّين إِنْ صَحَّ النَّقْلُ عَنْهُ يُحْمَلْ عَلَى مَا إِذَا نَوَى عِنْدَ التَّلَفُّظِ ثُمَّ أَظْهَرَهُ بَعْدَ ذَلِك وَاخْتَارَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute