وَالْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ يُصَلِّيَانِ كَمَا أُمِرَا وَلَا يُعِيدَانِ وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَأْمُرْ مَنْ ذَهَبَ لِلْقِلَادَةِ بِإِعَادَةٍ وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ مَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلِ الطَّهَارَةُ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ أَوْ فِي الْأَدَاءِ فَمَنْ رَأَى أَنَّهَا شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ لَمْ يُوجِبِ الصَّلَاةَ فِي الْحَالِ وَهَذَا مُشْكِلٌ مِنْهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ لَيْسَ مَشْرُوطًا بِالطَّهَارَةِ وَإِلَّا لَكَانَ لِكُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا لَا تَجِبُ عَلَيَّ الصَّلَاةُ حَتَّى أَتَطَهَّرَ وَأَنَا لَا أَتَطَهَّرُ فَلَا يَجِبُ عَلَيَّ شَيْءٌ لِأَنَّ وُجُوبَ الطَّهَارَةِ تَبَعٌ لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ فَإِذَا سَقَطَ أَحَدُهُمَا سَقَطَ الْآخَرُ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ كَالْحَوْلِ مَعَ الزَّكَاةِ وَالْإِقَامَةِ مَعَ الْجُمُعَةٍ وَالصَّوْمِ لَا يَتَحَقَّقُ الْوُجُوبُ حَالَةَ عَدَمِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ تَحْصِيلُهُ فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَمْرًا آخَرَ فَلَعَلَّهُ يَكُونُ مُسْتَقِيمًا
(الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ التَّيَمُّمِ)
فَأَوَّلُ ذَلِكَ النِّيَّةُ وَاجِبَةٌ فِيهِ خِلَافًا لِلْأَوْزَاعِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُهَا فِي الْوُضُوءِ فَلْنَكْتَفِ بِمَا هُنَاكَ وَيَنْوِي اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ سَوَاءٌ كَانَ جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ فَلَوِ اجْتَمَعَا وَكَانَ نَاسِيًا لِلْجَنَابَةِ فَرِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ حِينَئِذٍ يَكُونُ بَدَلًا عَنِ الْوُضُوءِ وَهُوَ بَعْضُ أَعْضَاءِ الْجَنَابَةِ وَالْبَدَلُ عَنِ الْبَعْضِ لَا يَنُوبُ مَنَابَ الْبَدَلِ عَنِ الْكُلِّ وَهُوَ التَّيَمُّمُ عَنِ الْجَنَابَةِ وَالْأُخْرَى يُجْزِيهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ارْتِفَاعُ الْمَنْعِ مِنَ الصَّلَاةِ وَهُوَ وَاحِدٌ فَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ أَسْبَابِهِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْكِتَابِ بِنِيَابَةِ الْوُضُوءِ عَنِ الْجَنَابَةِ فِي الْجَبِيرَةِ إِذَا مَسَحَهَا وَهُوَ جُنُبٌ ثُمَّ بَرِئَتْ وَغَسَلَهَا بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ عَلَى النِّيَابَةِ مُطْلَقًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ عَنِ الْوُضُوءِ الَّذِي هُوَ بَعْضُ الْجَنَابَةِ وَالْوُضُوءُ أَصْلٌ فِي نَفْسِهِ وَإِذَا نَوَى اسْتِبَاحَةَ الْفَرْضِ اسْتَبَاحَ النَّفْلَ لِأَنَّ الْأَدْنَى يَتْبَعُ الْأَعْلَى فِي نَظَرِ الشَّرْعِ وَلِأَنَّهُ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْفَرَائِضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَكْمُلُ بِالنَّوَافِلِ فَكَانَتْ كَالْأَجْزَاءِ لَهَا وَلَا يُصَلِّي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بِتَيَمُّمِ الصُّبْحِ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يكون
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute