(فَرْعٌ)
إِذَا رَضِيَتْ بِذَاكَ أَيَّامَهَا وَآثَرَتْ بِهَا غَيْرَهَا عَلَى أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا جَازَ لِمَا فِي مُسْلِمٍ إنَّ سَوْدَةَ لَمَّا كَبُرَتْ جَعَلَتْ يَوْمهَا مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقْسِمُ لَهَا يَوْمَيْنِ وَلَهَا الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَتْ فِيمَا ذَهَبَتْ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ قَاعِدَةٌ كُلُّ حَقٍّ تَعَيَّنَ سَبَبُهُ نَفَذَ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَلَوْ فَقَدَ شَرْطَهُ كَدَفْعِ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ النِّصَابُ وَإِنْ فَقَدَ الشَّرْطَ الَّذِي هُوَ الْحَوْلُ وَالْعَفْوِ عَنِ الْقَصَّاصِ وَالدِّيَةِ قَبْلَ الْمَوْت والتكفير قبل الْحِنْث وَغير ذَلِك وَهَا هُنَا تَحَقَّقَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِ الْقَسْمِ وَهُوَ الْعِصْمَةُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنَفَّذَ التَّصَرُّفُ فَيُشْكِلُ أَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ وَالَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ التَّصَرُّفَاتِ تَنْقَسِمُ إِلَى النَّقْلِ كَالْهِبَةِ وَالْبَيْعِ وَالْإِسْقَاطِ كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا لَمْ يَمْلِكْ نَفْسَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ يَنْتَقِلْ إِلَيْهِ مَا كَانَ لِلسَّيِّدِ بَلْ سَقَطَ وَكَذَلِكَ الزَّوْجُ فَقُلْنَا أَنْ يُجْعَلْ هَذَا مِنْ بَابِ النَّقْلِ بِالْهِبَةِ وَالْهِبَةُ إِذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا قَبْضٌ لَا تَتِمُّ وَإِنْ كَانَ سَبَبُ مِلْكِهِ مُتَحَقِّقًا أَمَّا لَوْ جَعَلْنَاهُ مِنْ بَابِ الْإِسْقَاطِ فَلَا يَتَأَتَّى الرُّجُوعُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْقَاعِدَةِ فِي إِسْقَاطِ الدَّيْنِ وَغَيْرِهِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ بِالْإِسْقَاطِ أَشْبَهُ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يملك الْمُطَالبَة بِأَن يوطئ كَمَا كَانَ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ وَأَمَّا إِنْ دَفَعَتْهُ لِضَرَّتِهَا فَلَيْسَ إِسْقَاطًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى الضَّرَّةِ حَتَّى يَسْقُطَ بِالْهِبَةِ لَكِنَّ الْهِبَةَ إِذَا كَانَت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute