(الْبَابُ السَّادِسُ فِي الْكَفَّارَةِ)
٢ - وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْكفْر بِفَتْح الْكَاف وَهُوَ التستر وَمِنْهُ سُمِّيَ الزَّارِعُ كَافِرًا لِسَتْرِهِ الْحَبَّ بِالتُّرَابِ وَالْبَحْرُ كَافِرًا لِسَتْرِهِ مَا فِيهِ وَالْمُشْرِكُ كَافِرًا لِسَتْرِهِ الْحَقَّ مِنَ الْوَحْدَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَكُفْرُ النِّعْمَةِ عدم شكرها لما لم يظْهر لَهَا أَثَرٍ عَادَتْ كَالْمَسْتُورَةِ وَالْمَشْكُورَةِ كَالْمَشْهُورَةِ وَلَمَّا كَانَ أَصْلُ الْكَفَّارَةِ لِزَوَالِ الْإِثْمِ وَسَتْرِهِ كَمَا فِي الظِّهَارِ سُمِّيَتْ كَفَّارَةً وَهِيَ فِي الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى لَا تُزِيلُ إِثْمًا لِأَنَّ الْحِنْثَ قَدْ لَا يَكُونُ حَرَامًا وَهُوَ أَكْبَرُ مَوَارِدِهَا وَقَدْ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالشَّافِعِيَّةُ الْحِنْثُ أَرْبَعَةٌ وَاجِبٌ إِنْ كَانَتِ الْيَمِينُ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَمُسْتَحَبٌّ إِنْ كَانَتْ عَلَى تَرْكِ مَنْدُوبٍ وَمُبَاحٌ إِنْ كَانَتْ عَلَى مُبَاحٍ وَيَضُرُّهُ الْبَقَاءُ عَلَيْهِ وَمَكْرُوهٌ إِنْ كَانَ الْمُبَاحُ لَا يَضُرُّهُ الْبَقَاءُ عَلَيْهِ وَفِي مُسْلِمٍ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَالْمَأْمُورُ بِهِ لَا يَكُونُ مَعْصِيَةً فَلَا تَكُونُ الْكَفَّارَةُ عَلَى وَضْعِهَا وَقَالَتِ الْحَنَفِيَّةُ الْحِنْثُ حَرَامٌ وَهِيَ تُزِيلُ الْإِثْمَ الَّذِي بِسَبَبِ مُخَالَفَةِ الْيَمِينِ لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى تَسْمِيَتِهِ حِنْثًا وَالْحِنْثُ الْإِثْمُ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} الْمَائِدَة ٨٩ وَالْمُؤَاخَذَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا مَعَ الْإِثْمِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحِنْثَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْإِثْمِ وَمُخَالفَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute