(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي النِّزَاعِ فِي الْوَدِيعَةِ)
وَفِيهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً الْأُولَى فِي الْكِتَابِ يَصْدُقُ فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ وَالْقِرَاضِ إِلَيْكَ إِلَّا أَنْ يَقْبِضَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَبْرَأُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ صُدِّقَ فِي الضَّيَاعِ وَالسَّرِقَةِ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ مُتَعَذَّرٌ وَقَالَ الْأَئِمَّةُ يُصَدَّقُ وَإِنْ قَبَضَ بِبَيِّنَةٍ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَشْهَدْ عَلَيْهِ فَقَدْ جَعَلَهُ أَمِينًا فِي الْحِفْظِ دُونَ الرَّدِّ فَقَدِ ادَّعَى مَا لَيْسَ أَمِينًا فِيهِ فَيَضْمَنُ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ مِمَّنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ أَنَّهُ يَجْتَهِدُ فِي دَفْعِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ عَنْهُ بِمَا يَدْفَعهَا بِحَيْثُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ تَعَيَّنَتِ التُّهْمَةُ الْمُوجِبَةُ لِلضَّمَانِ وَلِأَنَّ أَصْلَ الْيَدِ الضَّمَانُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ خَالَفْنَاهُ فِي مَوَانِعِ الْإِجْمَاعِ فَيَبْقَى عَلَى مُقْتَضَاهُ فِي صُوَرِ النِّزَاعِ وَلِأَنَّهُ لَوْلَا الضَّمَانُ حِينَئِذٍ لَانْتَفَتْ فَائِدَةُ الْإِشْهَادِ وَلَا يُقَالُ فَائِدَتُهُ تَعَذُّرُ الْجُحُودِ عَلَيْهِ لِأَنَّا نَقُولُ دَعْوَى الرَّدِّ يَقُومُ مَقَامَهُ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى صُورَةِ الْقَبْضِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ ضَامِنٍ ابْتِدَاءً عِنْدَ الْقَبْضِ فَلَا يَضْمَنُ انْتِهَاءَ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْقَبْضَ بِالْبَيِّنَةِ حَاثٌّ عَلَى الْإِشْهَادِ عِنْدَ الدَّفْعِ فِي مَجْرَى الْعَادَةِ فَلَمَّا خُولِفَتِ الْعَادَةُ اتُّهِمَ بِخِلَافِ الْقَبْضِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَا ضَرُورَةَ تَدْعُوهُ لِلْإِشْهَادِ وَعَنِ الثَّانِي إِنَّ الِاسْتِصْحَابَ مُعَارَضٌ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ التُّهْمَةِ النَّاشِئَةِ عَنْ مُخَالَفَةِ الْعَادة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute