للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي بَدَلِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَهُوَ التَّيَمُّمُ)

وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ لُطْفًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِهَا وَإِحْسَانًا إِلَيْهَا وَلِيَجْمَعَ لَهَا فِي عِبَادَتِهَا بَيْنَ التُّرَابِ الَّذِي هُوَ مَبْدَأُ إِيجَادِهَا وَالْمَاءِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ اسْتِمْرَارِ حَيَاتِهَا إِشْعَارًا بِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَادَةَ سَبَبُ الْحَيَاةِ الْأَبَدِيَّةِ وَالسَّعَادَةِ السَّرْمَدِيَّةِ جَعَلَنَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَهْلِهَا مِنْ غَيْرِ مِحْنَةٍ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ مِنَ الْأَمِّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ الْقَصْدُ يُقَالُ أَمَّهُ وَأَمَمَهُ وَتَأَمَّمَهُ إِذَا قَصَدَهُ وَأَمَّهُ أَيْضًا شَجَّهُ فِي وَسَطِ رَأْسِهِ وَمِنَ الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى {وَلَا تيمموا الْخَبيث مِنْهُ تنفقون} أَيْ لَا تَقْصِدُوهُ ثُمَّ نُقِلَ فِي الشَّرْعِ لِلْفِعْلِ الْمَخْصُوصِ وَأَوْجَبَهُ لِتَحْصِيلِ مَصَالِحِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ قبل خواتها وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأُمِرَ عَادِمُ الْمَاءِ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اهْتِمَامَ الشَّرْعِ بِمَصَالِحِ الْأَوْقَاتِ أَعْظَمُ مِنَ اهْتِمَامِهِ بِمَصَالِحِ الطَّهَارَةِ فَإِنْ قُلْتَ فَأَيُّ مَصْلَحَةٍ فِي إِيقَاعِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا دُونَ مَا قَبْلَهُ وَبعده مَعَ جَزْمِ الْعَقْلِ بِاسْتِوَاءِ أَفْرَادِ الْأَزْمَانِ قُلْتُ اعْتَمَدَ الْعُلَمَاءُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّا اسْتَقْرَأْنَا عَادَةَ اللَّهِ تَعَالَى فِي شَرْعِهِ فَوَجَدْنَاهُ جَالِبًا لِلْمَصَالِحِ وَدَارِئًا لِلْمَفَاسِدِ وَكَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>