(الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي وَقْتِ التَّيَمُّمِ)
قَالَ ابْنُ شَاسٍ إِنَّمَا شُرِعَ التَّيَمُّمُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ قَبْلَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَالرَّاجِي يَتَيَمَّمُ آخِرَ الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ وَالْآيِسُ أَوَّلَهُ وَالشَّاكُّ وَسَطَهُ وَرُوِيَ آخِرَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَقِيلَ بَلْ وَسَطَهُ إِلَّا الرَّاجِي فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُهُ وَقِيلَ آخِرَهُ إِلَّا الْآيِسَ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ وَنَبْسُطُ ذَلِكَ عَلَى الْعَادَةِ فَنَقُولُ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَا يَتَيَمَّمُ مُسَافِرٌ أَوَّلَ الْوَقْتِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ آيِسًا فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَالْمَرِيضُ وَالْخَائِفُ يَتَيَمَّمَانِ فِي وَسَطِ الْوَقْتِ قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ نَافِعٍ لَا يَتَيَمَّمُ أَحَدٌ إِلَّا أَنْ يَخَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ حَنْبَلٍ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ وَلَا ضَرُورَةَ مَعَ بَقَاءِ الْوَقْتِ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَتَيَمَّمُ الْمُسَافِرُ أَوَّلَ الْوَقْتِ مُطْلَقًا وَلَمْ يُفَرِّقْ قَالَ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ بِدُخُولِ الْوَقْتِ قَدْ وَجَبَتِ الصَّلَاةُ فَيُمَكَّنُ الْمُكَلَّفَ مِنْ فِعْلِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَخْتَلِفَ بِاخْتِلَافِ الْأَعْذَارِ فَإِنْ سَقَطَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ لِعُذْرٍ كَالْمَجْدُورِ يَتَيَمَّمُ أَوَّلَ الْوَقْتِ لِإِدْرَاكِ فَضِيلَةِ الْوَقْتِ وَعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي التَّأْخِيرِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إِنْ سَقَطَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ لِعَدَمِهِ أَوْ لعدم المناول أَو عدم الْأَمْن االموصل إِلَيْهِ كَالْآيِسِ مِنَ الْمَاءِ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ يَتَيَمَّمُ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ عبد الحكم وَابْن الْمَاجشون وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو حنيفَة وَهُوَ عَلَى خِلَافِ أَصْلِهِ لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ عِنْدَهُ بِآخِرِ الْوَقْتِ وَأَمَّا الرَّاجِي فَيَتَيَمَّمُ آخِرَ الْوَقْتِ تَوَقُّعًا لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَة وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ لِأَنَّ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ تُتْرَكُ لِرُخْصَةِ الْجَمْعِ وَالطَّهَارَةُ لَا تُتْرَكُ لِرُخْصَتِهِ وَإِنَّمَا تُتْرَكُ لِلْعَجْزِ وَأَمَّا الَّذِي لَا يَرْتَجِي وَلَا يَيْأَسُ كَالْجَاهِلِ بِموضع المَاء
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute