٣
-
(فَرْعٌ)
فِي الْجَوَاهِرِ مِنْ كِتَابِ الْوَدِيعَةِ: إِذَا ظَفِرَ صَاحِبُ الدَّيْنِ بِجِنْسِ حَقِّهِ وَقَدْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَخْذُ حَقِّهِ مِثْلَ أَنْ يَجْحَدَهُ وَدِيعَتَهُ ثُمَّ يُودِعَ عِنْدَهُ فَهَلْ لَهُ جَحْدُ هَذِهِ الْوَدِيعَةِ فِي الْأُولَى؟ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ الْمَنْعَ وَالْكَرَاهَةُ رَوَاهَا أَشْهَبُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاسْتَحَبَّهُ عَبْدُ الْمَلِكِ تخليصاً للظالم من الظَّالِم وَالْخَامِسُ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَأْخُذْ إِلَّا حِصَّتَهُ وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَاءَتْهُ هِنْد أم مُعَاوِيَة - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَغَنِيٌّ لَا يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ سِرًّا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ هَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى ذِكْرِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْحَاجَةِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا ذَمَّ الشُّحِّ وَمَنْعَ الْحَقِّ وَعَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ عَلَى الزَّوْجِ وَالْوَالِدِ قَدْرَ الْكِفَايَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ وَعَلَى جَوَازِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ لِاكْتِفَائِهِ بِعِلْمِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الْبَيِّنَةِ وَعَلَى الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا وَعَلَى أَخْذِ جِنْسِ الْحَقِّ وَغَيْرِ جِنْسِهِ إِذَا ظَفِرَ بِهِ مِنَ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَذِنَ لَهَا فِي أَخْذِ مَا يَكْفِيهَا وَهُوَ أَجْنَاسٌ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِهِمَا وَهَذَا إِذْنٌ فِي الْبَيْعِ وَاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الشَّحِيحِ أَنَّ هَذِهِ الْأَجْنَاسَ لَيْسَتْ عِنْدَهُ وَوَافَقَنَا (ش) عَلَى أَخْذِ الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ سُفْيَان وَغَيره لَا يَأْخُذ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ يُؤْخَذُ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ عَنِ الْآخَرِ دُونَ غَيْرِهِمَا وَقِيلَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ بَابِ الْفُتْيَا لَا مِنْ بَابِ الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَتَوَقَّفُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْحِجَاجِ مِنَ الْخَصْمَيْنِ وَحُضُورِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيُجِيبَ وَيُنَاضِلَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَمَتَى دَارَ تَصَرُّفُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا فَالْفُتْيَا أَرْجَحُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَسُولٌ مُبَلِّغٌ وَهُوَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ وَالتَّبْلِيغُ فُتْيَا وَيَنْبَنِي عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَةِ فَإِنْ قُلْنَا تصرفه عَلَيْهِ السَّلَام هَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute