١
- الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يُوجِبُ تَعَدُّدَ الْكَفَّارَةِ وَاتِّحَادَهَا
قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ إِذَا قَصَدَ الْحَالِفُ بِتَكْرَارِ يَمِينِهِ تَعَدُّدَ الْكَفَّارَاتِ تَعَدَدَتْ أَوِ اتِّحَادَهَا اتَّحَدَتْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَاللَّفْظُ وَاحِدٌ أَو مُتَعَدد اتّحدت كَالْحَلِفِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ تَعَدَدَ الْمَعْنَى تَعَدَّدَتْ كَالْحَلِفِ بِالصِّفَاتِ وَإِنْ حَلَفَ عَلَى أَشْيَاءَ بِالْعَطْفِ وَقَصَدَ اتِّحَادَ الْيَمِينِ اتَّحَدَتْ وَهَلْ يَقَعُ الْحِنْثُ بِبَعْضِهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ بِالْجَمِيعِ قَوْلَانِ وَإِذا أَتَى بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ تَكَرَّرَتِ الْكَفَّارَةُ نَحْوَ كُلَّمَا أَوْ مَتَى وَإِلَّا فَلَا تَتَكَرَّرُ إِلَّا أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ مِنْ قَصْدِ الْحَالِفِ كَالْحَالِفِ لَا يَتْرُكُ الْوِتْرَ أَوْ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ اجْتِنَابُ ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ لِشَرَفِ الْوِتْرِ وَالْمَدِينَةِ بِخِلَافِ لَا كَلَّمْتُ زَيْدًا وَقَالَتِ الْحَنَفِيَّةُ إِذَا كَرَّرَ الْأَسْمَاءَ أَوْ الِاسْمَ الْوَاحِدَ بِغَيْرِ عَطْفٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الثَّانِيَ يَجْرِي مَجْرَى الصِّفَةِ لِلْأَوَّلِ وَبِالْعَطْفِ كَفَّارَتَانِ لِأَنَّ الْعَطْفَ يُوجِبُ التَّعَدُّدَ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ للْحَاكِم تَأْكِيدُ الْيَمِينِ بِغَيْرِ عَطْفٍ وَلَا يَجُوزُ بِالْعَطْفِ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَى الْخَصْمِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَجَوَابُهُمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي قَوْله تَعَالَى {وَاللَّيْلِ إِذا يغشى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} اللَّيْل ١ وَنَحْوِهِ هَلِ الْوَاوُ الثَّانِيَةُ لِلْعَطْفِ أَوْ لِلْقَسَمِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا حُفِظَتْ بِالْعَطْفِ لَا بِالْقَسَمِ لِأَنَّ الْقَسَمَ بِالشَّيْءِ تَعْظِيمٌ لَهُ وَالِانْتِقَالُ عَنْهُ إِلَى الْقَسَمِ بِغَيْرِهِ إِعْرَاضٌ عَنْهُ وَالْإِعْرَاضُ يَأْبَى التَّعْظِيمَ وَأَمَّا الْعَطْفُ عَلَيْهِ فَتَقْدِيرٌ لَهُ يَجْعَلُ غَيْرَهُ تَابِعًا لَهُ فِي مَعْنَاهُ فَيَكُونُ الْقَسَمُ وَاحِدًا وَقَعَتْ فِيهِ الشَّرِكَةُ فَالْمُتَعَدِّدُ مُتَعَلَّقُهُ لِأَنَّهَا أَقْسَامٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَإِذَا اتَّحَدَ الْقَسَمُ اتَّحَدَتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute