(كِتَابُ التَّفْلِيسِ وَدُيُونِ الْمَيِّتِ)
وَفِيهِ نَظَرَانِ: النَّظَرُ الْأَوَّلُ: فِي التَّفْلِيسِ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْفُلُوسِ الَّتِي هِيَ أَحَطُّ النُّقُودِ كَأَنَّ الْإِنْسَانَ لَمْ يَتْرُكْ لَهُ شَيْئًا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إِلَّا التَّافِهَ مِنْ مَالِهِ والمِديان مِنَ الدَّيْنِ أَيِ الطَّاعَةُ دَانَ لَهُ إِذَا طَاعَ وَفِي الْحَدِيثِ: الكَيّس مَنْ دانَ نَفْسَهُ أَيْ أَذَلَّهَا والدَّين مَذَلَّةٌ والدَّين مَاله أجل وَالْقَرْض مَالا أَجَلَ لَهُ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الْجَمِيعِ قَالَهُ صَاحب التَّنْبِيهَات ويتمهد هَذَا النّظر بتلخيص السَّبَبِ وَأَحْكَامِهِ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: السَّبَبُ وَفِي الْجَوَاهِرِ هُوَ الْتِمَاسُ الْغُرَمَاءِ أَوْ بَعْضِهِمُ الْحَجْرَ فِي الدُّيُونِ الْحَالَّةِ الزَّائِدَةِ عَلَى قَدْرِ مَالِ الْمِدْيَانِ وَأَصْلُهُ مَا فِي مُسْلِمٍ: أُصيب رجلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فكثُر دينُه فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تصدَّقوا عَلَيْهِ فتصدَّق النَّاسُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَينه فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خُذوا مَا وَجدتُم فَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ وَلم يزدْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى خَلْعِ مَالِهِ لَهُمْ وَلَمْ يحبِسه وَلَمْ يَبِعْهُ وَلَمْ يَسْتَسْعِهِ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ فِي اسْتِسْعَائِهِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فنظرة إِلَى ميسرَة} وَقَالَ شُرَيْحٌ: يُحْبَسُ وَالْآيَةُ إِنَّمَا وَرَدَتْ عِنْدَهُ فِي الرِّبَا لَو كَانَ كَذَلِكَ لَقَالَ تَعَالَى ذَا عُسرةٍ - بِالنَّصْبِ - حَتَّى يعود الضَّمِير على المُرابي وَمَا قُرئي إِلَّا بِالرَّفْع أَي إِن وُجد ذُو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute