(الْبَابُ الْحَادِي عَشَرَ فِيمَا يُنْقَضُ مِنَ الْأَقْضِيَةِ)
وَفِي الْكِتَابِ إِذَا قَضَى فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ الْحَقُّ فِي غَيْرِ مَا قَضَى بِهِ رَجَعَ عَنهُ وَلَا ينقص حكم غَيره فِي مَوضِع الْخلاف فِي التَّنْبِيهَاتِ حَمَلَ أَكْثَرُهُمُ الْكَلَامَ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ فِي الْكِتَابِ الرُّجُوعُ كَيْفَ كَانَ مِنْ وَهْمٍ أَوِ انْتِقَالِ رَأْيٍ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِنَّمَا يَرْجِعُ فِي الْوَهْمِ وَالْغَلَطِ لَا فِي تَغَيُّرِ الِاجْتِهَادِ قَالَ وَهُوَ أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ إِذْ لَوْ صَحَّ الاول مَا اسْتَقر لقَاضِي حكم فِي كُلِّ وَقْتٍ فَلَا يَثِقُ أَحَدٌ بِحُكْمِهِ وَلِأَنَّ الثَّانِيَ اجْتِهَادٌ مِثْلَ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا لَو فَهَذَا يَنْقُضُهُ هُوَ وَمَنْ بَعْدَهُ لَا يَخْتَلِفُ فِي هَذَا إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَدْ خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ أَوَّلًا وَهُوَ شَاذٌّ فَيَنْقُضُهُ هُوَ وَمَنْ بَعْدَهُ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ يَلْزَمُ مَذْهَبًا مُعَيَّنًا وَيَحْكُمُ بِتَقْلِيدِهِ لَا بِاجْتِهَادِهِ فَحَكَمَ فَغَلِطَ فِي مَذْهَبِهِ نَقَضَهُ هُوَ دُونَ غَيْرِهِ وَقِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّهُ إِنَّمَا رَجَعَ فِيمَا كَانَ جَوْرًا بَيِّنًا قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ اخْتَصَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ كَلَامَ الْكِتَابَ إِذَا بَانَ لَهُ أَنَّهُ أَخْطَأَ فَلْيَنْقُضْ قَضِيَّتَهُ وَإِنْ أَصَابَ قَوْلَ قَائِلٍ وَقَدْ فَعَلَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَاخْتَصَرَهُ ابْنُ حَمْدِيسَ إِذَا حَكَمَ بِمَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ فَلَا يَنْقُضُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا خَالَفَ نَصَّ الْقِرَآنِ أَوِ السُّنَّةِ أَوِ الْإِجْمَاعِ يَنْقُضُهُ هُوَ وَغَيْرُهُ وَإِنْ أَرَادَ الِانْتِقَالَ عَنِ اجْتِهَادٍ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ جَوَّزَهُ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنَعَهُ ابْنُ عبد الحكم قضى بِمَال اوغيره وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ إِنْ كَانَ بِمَالٍ بِخِلَافِ إِثْبَاتِ نِكَاحٍ أَوْ فَسْخِهِ قَالَ وَعَلَى هَذَا لَا ينْقضه اذا كَانَ بانفاذ عتق اورده اَوْ حد اَوْ قتل ابْنَته أَوْ أَبْطَلَهُ وَقِيلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute