للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا نَصَبٌ حَتَّى الشَّوْكَةِ يَطَؤُهَا إِلَّا كُفِّرَ الله بِهَا مِنْ ذُنُوبِهِ) وَالسُّخْطُ مَعْصِيَةٌ وَالصَّبْرُ قُرْبَةٌ وَعَمَلٌ صَالِحٌ فَإِذَا تَسَخَّطَ حَصَلَتْ سَيِّئَةٌ قَدْرَ الَّتِي كفر بهَا الْمُصِيبَة أَو أقل وَأعظم بِحَسَبِ كَثِيرِ السُّخْطِ وَقَلِيلِهِ وَعِظَمِ الْمُصِيبَةِ وَصِغَرِهَا فَإِنَّ التَّكْفِيرَ تَابِعٌ لِذَلِكَ فَالتَّكْفِيرُ وَاقِعٌ قَطْعًا سَخِطَ أَوْ صَبَرَ غَيْرَ أَنَّهُ إِنْ صَبَرَ اجْتَمَعَ التَّكْفِيرُ وَالْأَجْرُ وَإِنْ سَخِطَ قَدْ يَعُودُ الْمُكَفَّرُ بِمَا جَنَاهُ ثَانِيًا بِالتَّسَخُّطِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ مِنْ تَرْتِيبِ الْمَثُوبَاتِ عَلَى الْمَصَائِبِ أَيْ إِذَا صَبَرَ وَإِلَّا فَالْمُصِيبَةُ لَا ثَوَابَ فِيهَا قَطْعًا مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مُصِيبَةٌ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ كَسْبِهِ وَلَا ثَوَابَ إِلَّا فِي مُكْتَسَبٍ وَالتَّكْفِيرُ يَكُونُ بِغَيْرِ الْمُكْتَسَبِ كَالْعَذَابِ وَسَائِرِ الْعُقُوبَاتِ

(مَسْأَلَةٌ)

الْمُدَاهَنَةُ قَدْ تَكُونُ مُبَاحَةً أَوْ وَاجِبَةً كَمَا قَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّا لَنَكْشِرُ فِي وُجُوهِ أَقْوَامٍ وَإِنَّ قُلُوبَنَا لَتَلْعَنُهُمْ فَيَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ مَعَ الْفَاسِقِ مِنَ الْوِدَادِ ظَاهِرًا مَا يَعْتَقِدُ خِلَافَهُ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ مِنَ الْمُدَاهَنَةِ مَا كَانَ عَلَى بَاطِلٍ وَأَمَّا لِأَجْلِ التَّقِيَّةِ وَالتَّوَدُّدِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ بِكَلَامِ صِدْقٍ بِأَنْ يَشْكُرَهُ بِمَا فِيهِ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ مَا مِنْ أَحَدٍ وَإِنْ كَثُرَ فُجُورُهُ وَفُحْشُهُ إِلَّا وَفِيهِ خَيْرٌ

(مَسْأَلَةٌ)

الرَّغْبَةٌ وَالرَّهْبَةُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى إِنْ أُرِيدَ بِهَا خَوْفُ الظُّلْمَةِ أَوِ السِّبَاعِ أَوِ الْغَلَاءِ أَوِ الْأَمْرَاضِ إِنْ سَلَّطَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْضَ ذَلِكَ فَهَذَا لَا يُنْهَى عَنْهُ وَقَدْ يُؤْمَرُ بِهِ كَمَا أُمِرْنَا أَنْ لَا نَقْدَمَ عَلَى الْوَبَاءِ وَأَنْ نَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَنَا مِنَ الْأَسَدِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا أَنَّا نَخَافُ الْأَسْبَابَ وَالْخَلْقَ مِنْ حَيْثُ هُمْ هُمْ بِحَيْثُ نَعْصِي اللَّهَ تَعَالَى لِأَجْلِهِمْ فَهَذَا حَرَامٌ وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كعذاب الله} قَالَ أَرْبَابُ الْمَعَانِي فِتْنَةُ النَّاسِ مُؤْلِمَةٌ وَعَذَابُ الله كَذَلِك

<<  <  ج: ص:  >  >>