وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمُحَرَّمَاتِ يَخْرُجُ الْإِنْسَانُ عَنْ عُهْدَتِهَا بِمُجَرَّدِ تَرْكِهَا وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ بِهَا فَضْلًا عَنِ الْقَصْدِ إِلَيْهَا حَتَّى يَنْوِيَ امْتِثَالَ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا فَلَا ثَوَابَ حِينَئِذٍ نَعَمْ مَتَى اقْتَرَنَ قَصْدُ الِامْتِثَالِ فِي الْجَمِيعِ حَصَلَ الثَّوَابُ
الْفَصْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي أَوْصَافِ الْعِبَادَة وَهِيَ خَمْسَةٌ
الْأَوَّلُ الْأَدَاءُ وَهُوَ إِيقَاعُ الْعِبَادَةِ فِي وَقْتِهَا الْمُعَيَّنِ لَهَا شَرْعًا لِمَصْلَحَةٍ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا الْوَقْتُ فَقَوْلُنَا فِي وَقْتِهَا احْتِرَازًا مِنَ الْقَضَاءِ وَقَوْلُنَا شَرْعًا احْتِرَازًا مِنَ الْعُرْفِ وَقَوْلُنَا لِمَصْلَحَةٍ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا الْوَقْتُ احْتِرَازًا مِنْ تَعْيِينِ الْوَقْتِ لِمَصْلَحَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ لَا لِمَصْلَحَةٍ فِي الْوَقْتِ كَمَا إِذَا قُلْنَا الْأَمْرُ لِلْفَوْرِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الزَّمَنُ الَّذِي يَلِي وُرُودَ الْأَمْرِ وَلَا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ أَدَاءً فِي وَقْتِهِ وَلَا قَضَاءً بعد وقته كمن بَادَرَ لِإِزَالَةِ مُنْكَرٍ أَوْ إِنْقَاذِ غَرِيقٍ فَإِنَّ الْمصلحَة هَهُنَا فِي الْإِنْقَاذِ سَوَاءٌ كَانَ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَوْ غَيْرِهِ وَأَمَّا تَعْيِينُ أَوْقَاتِ الْعِبَادَاتِ فَنَحْنُ نَعْتَقِدُ أَنَّهَا لِمَصَالِحَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا هَذِهِ الْأَوْقَاتُ وَإِنْ كُنَّا لَا نَعْلَمُهَا وَهَكَذَا كُلُّ تَعَبُّدِيٍّ مَعْنَاهُ أَنَّا لَا نَعْلَمُ مصلحَة لَا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ طَرْدًا لِقَاعِدَةِ الشَّرْعِ فِي عَادَتِهِ فِي رِعَايَةِ مَصَالِحِ الْعِبَادِ على سَبِيل التَّفْضِيل فقد تلخص أَن التعييين فِي الْفَوْرِيَّاتِ لِتَكْمِيلِ مَصْلَحَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَفِي الْعِبَادَات لمصَالح فِي الْأَوْقَاتِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ الثَّانِي الْقَضَاءُ وَهُوَ إِيقَاعُ الْعِبَادَةِ خَارِجَ وَقْتِهَا الَّذِي عَيَّنَهُ الشَّرْعُ لِمَصْلَحَةٍ فِيهِ تَنْبِيهٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَضَاءِ تَقَدُّمُ الْوُجُوبِ بَلْ تَقَدَّمَ سَبَبُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْمَازِرِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمُحَقِّقِينَ خِلَافًا لِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ لِأَنَّ الْحَائِضَ تَقْضِي مَا حَرُمَ عَلَيْهَا فِعْلُهُ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ وَالْحَرَامُ لَا يَتَّصِفُ بِالْوُجُوبِ وَبَسْطُ ذَلِكَ فِي الطَّهَارَةِ فِي مَوَانِعِ الْحَيْضِ مَذْكُورٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute