إِنَّمَا هُوَ يَمْنَعُ بَعْضَهُ وَالشُّبْهَةُ قَائِمَةٌ فِيهِ لِلْخِلَافِ فِي تَقَرُّرِ الْمِلْكِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ شِرَاءُ طَعَامٍ مِمَّنْ أَكْرَى الْأَرْضَ بِالطَّعَامِ وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ لَهُ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَيُتَحَرَّى أَبَدًا الْأَشْبَهُ وَإِذَا أَخْبَرَ الْبَائِعَ أَنَّ طَعَامَهُ حَلَالٌ وَهُوَ ثِقَةٌ يَعْلَمُ حُدُودَ الشَّرْعِ صُدِّقَ وَإِلَّا لَمْ يَتَحَقَّقِ الْوَرَعُ لَكِنَّهُ خَيْرٌ مِمَّنْ يَقُولُ لَا أَدْرِي وَمَا غَلَبَ عَلَيْهِ الرِّيبَةُ فِي الْأَسْوَاقِ اجْتُنِبَ حَتَّى يَظْهَرَ صِحَّةُ أَصْلِهِ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ مَا يَتَحَرَّى بِهِ إِلَّا سُؤَالَ الْبَاعَةِ اعْتَمَدَ عَلَى أَصْدَقِهِمْ وَمَنَعَ سَحْنُونٌ رَجُلًا كَسْبُهُ مِنْ بِلَادِ السُّودَانِ أَنْ يَعْمَلَ قَنْطَرَةً يَعْبُرُ النَّاسُ عَلَيْهَا وَلَيْسَ فِي كَسْبِ بِلَادِ السُّودَانِ إِلَّا السَّفَرُ إِلَيْهَا فَيَجْتَهِدُ الْإِنْسَانُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ
(النَّوْعُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ تَرْكُ الْإِنْسَانِ مَا لَا يَعْنِيهِ)
وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُرَى إِلَّا مُحَصِّلَا حَسَنَةً لِمَعَادِهِ أَوْ دِرْهَمًا لِمَعَاشِهِ وَيَتْرُكُ مَا لَا يَعْنِيهِ وَيَتَحَرَّسُ مِنْ نَفْسِهِ وَيَقِفُ عَمَّا أَشْكَلَ عَلَيْهِ وَيُقَلِّلُ الرِّوَايَةَ جَهْدَهُ وَيُنْصِفُ جُلَسَاءَهُ وَيُلِينُ لَهُمْ جَانِبَهُ وَيَلْتَزِمُ الصَّبْرَ وَيَصْفَحُ عَنْ زَلَّةِ جَلِيسِهِ وَإِنْ جَالَسَ عَالِمًا نَظَرَ إِلَيْهِ بِعَيْنِ الْإِجْلَالِ وَيُنْصِتُ لَهُ عِنْدَ الْمَقَالِ وَإِنْ رَاجَعَهُ رَاجَعَهُ تَفَهُّمًا وَلَا يُعَارِضُهُ فِي جَوَابِ سَائِلٍ سَأَلَهُ فَإِنَّهُ يلبس بذلك على السَّائِل ويزري بالمسؤول وَبِقَدْرِ إِجْلَالِ الطَّالِبِ لِلْعَالِمِ يَنْتَفِعُ بِهِ وَمَنْ نَاظَرَهُ فِي عِلْمٍ فَبِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَتَرْكِ الِاسْتِعْلَاءِ وَحُسْنُ التَّأَنِّي وَجَمِيلُ الْأَدَبِ مُعِينَانِ عَلَى الْعِلْمِ وَالْعَالِمُ أَوْلَى النَّاسِ بِصِيَانَةِ نَفْسِهِ عَنِ الدَّنَاءَةِ وَإِلْزَامِهَا الْخَيْرَ وَالْمُرُوءَةَ وَلَا يَجْلِسُ مَجْلِسًا لَا يَلِيقُ بِهِ فَإِنِ ابْتُلِيَ بِالْجُلُوسِ فَلْيَقُمْ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي إِرْشَادِ مَنِ اسْتَحْضَرَهُ وَوَعْظِهِ وَلَا يَتَعَرَّضُ مِنْهُ حَاجَةً لِنَفْسِهِ وَمِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ تَعَالَى إِجْلَالُ الْعَالِمِ الْعَامِلِ وَالْإِمَامِ الْمُقْسِطِ وَمِنْ سِمَةِ الْعَالِمِ أَنْ يَعْرِفَ زَمَانَهُ وَيُقْبِلَ عَلَى شَأْنِهِ حَافِظًا لِلِسَانِهِ مُتَحَذِّرًا مِنْ إِخْوَانِهِ فَلَمْ يُؤْذِ النَّاسَ قَدِيمًا إِلَّا مَعَارِفُهُمْ وَالْمَغْرُورُ مَنِ اغْتَرَّ بِمَدْحِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute