قَاعِدَةٌ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَيِّتِ إِذَا تَرَكَ مَالًا وَدَيْنًا فَقِيلَ هُوَ عَلَى مِلْكِهِ حَتَّى يُوَفَّى الدَّيْنُ وَقِيلَ عَلَى مِلْكِ الْوَارِثِ وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ الْحَاجَةُ إِذْ لَوْ بَقِيَتِ الْأَشْيَاءُ فِي الدُّنْيَا شَائِعَةً لَتَقَاتَلَ النَّاسُ عَلَيْهَا فَالْجَنِينُ لَمَّا كَانَ مَيِّتًا شَرْعًا وَهُوَ بِصَدَدِ الْحَاجَةِ الْعَامَّةِ فِي حَيَاتِهِ مَلَكَ الصَّدَقَةَ وَالْأَمْوَالَ بِالْإِجْمَاعِ وَالْمَيِّتُ بَعْدَ الْحَيَاةِ لَمْ تَبْقَ لَهُ حَاجَةٌ عَامَّةٌ فَلَمْ يَمْلِكْ أَوْ يَمْلِكُ لِبَقَاءِ حَاجَةِ الدَّيْنِ احْتَجَّ النَّافِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دين} فَجَعَلَ الْمِلْكَ بَعْدَ الدَّيْنِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُغَيَّا هُوَ الْمَقَادِيرُ لَا الْمُقَدَّرُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ لِلزَّوْجَةِ الثَّمَنَ قَال لَا تَعْتَقِدُوا أَنَّهُ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ بَلْ مِنَ الَّذِي يَفْضُلُ بَعْدَ الدَّيْنِ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ اللَّفْظَ إِذَا سِيقَ لِأَجْلِ مَعْنًى لَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي غَيْرِهِ وَالْآيَةُ سِيقَتْ لِبَيَانِ الْمَقَادِيرِ لَا لِبَيَانِ الْأَمْلَاكِ وَقَالَ (ش) لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْوَارِثِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ كَالرُّهُونِ
٣ -
(فَرْعٌ)
قَالَ قَالَ أَشْهَبُ: إِذَا تَرَكَ أَلْفَ دِرْهَم وعبداً وَعَلِيهِ دين الرجلَيْن لِكُلِّ وَاحِدٍ أَلْفٌ وَحَضَرَ أَحَدُهُمَا وَأَخَذَ الْأَلْفَ وَوُجِدَ الْغَائِبُ وَقَدْ هَلَكَ الْعَبْدُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا فِي أَعْظَمِ حَالَاتِهِ مِنْ يَوْمِ قَبَضَ الْأَلْفَ إِلَى مَوْتِ الْعَبْدِ لَا يَوْمَ الْقَبْضِ وَلَا يَوْمَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَإِنْ كَانَتْ أَوْفَرَ قِيمَةً مَضَتْ عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ رَجَعَ الْقَادِمُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَحُسِبَ الْعَبْدُ عَلَى الْغَائِبِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ صُدِّقَ الطَّارِئُ إِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَلَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ الْعَبْدَ بِأَلْفٍ فَقَضَاهَا الْحَاضِرُ ثُمَّ تَلِفَتِ الْأَلْفُ الْعَيْنُ فَلَا رُجُوعَ لِأَنَّ الْجَمِيعَ صَارَ عَيْنًا وَحِصَّةُ الْغَائِبِ مِنْهُ وَلَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بَعْدَ تِلَافِ الْأَلْفِ الَّتِي عُزِلَتْ للْغَائِب بيع ثَانِيَة لم نبيع لَهُ أَوَّلًا إِلَّا أَنْ يَنْقُصَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْءٌ فَيَرْجِعَ الْغَائِبُ بِمَا يُصِيبُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَتَى عَلَى الْعَبْدِ وَقْتٌ بَعْدَ الْقَبْضِ يَسْوِي فِيهِ بِالْعَيْبِ أَلْفًا فَلَا يَرْجِعُ وَلَوْ أَخَذَ الْحَاضِرُ الْأَلْفَ الثَّمَنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute