الْمَغْصُوبُ إِلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ مِنْهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَعَادَهُ أَوْ أَقْبَضَهُ لِأَنَّ مَنِ اسْتَحَقَّ قَبْضَ شَيْءٍ حَصَلَ قَبْضُهُ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ كَمَا لَوِ اسْتَحَقَّ الْمُشْتَرِي قَبْضَ الْمَبِيعِ فَوَهَبَهُ الْبَائِعُ إِيَّاهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ أَعَادَهُ وَلِأَنَّ صَاحِبَ الطَّعَامِ مُبَاشِرٌ للاتلاف وَالْغَاصِب سَبَب فِي التّلف الْعَادِيَّةِ وَالْمُبَاشَرَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّبَبِ كَحَافِرِ الْبِئْرِ وَالْمُلْقِي مُقَدَّمٌ فِي اسْتِقْرَارِ الضَّمَانِ احْتَجُّوا بِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنَ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ قَدَّمَ لَهُ الشَّاةَ بَعْدَ ذَبْحِهَا وَشَيِّهَا وَجَوَابُهُ: أَنَّ الشَّاة صَارَت ملكه عندنَا بِالذبْحِ فَلذَلِك استق الضَّمَان عَلَيْهِ لم يبر بِتَقْدِيمِ الشَّاةِ وَالطَّعَامُ لَمْ يَسْتَقِرَّ الضَّمَانُ فِيهِ وَهُوَ ملك الْمَغْصُوب مِنْهُ فَافْتَرقَا قالو: إِنَّمَا وَجَدَ مِنَ الْغَاصِبِ إِبَاحَةَ الْأَكْلِ وَالْإِبَاحَةُ لَيْسَتْ رَدًّا وَلَا تُزِيلُ الْيَدَ الْعَادِيَّةَ بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا أَبَاحَ مِلْكَهُ لِلضَّيْفِ تَبْقَى يَدُهُ عَلَيْهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ وَلَهُ نَزْعُهُ مِنَ الضَّيْفِ وَلَوْ بَاعَهُ لِلضَّيْفِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ حَمَلَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ لَمَنَعَهُ وَالْإِبَاحَةُ لَيْسَتْ جِهَةَ ضَمَانٍ وَجَوَابُهُ: أَنَّا نَفْرِضُهُ خَلَّاهُ وَرَاحَ وَأَكَلَهُ وَحِينَئِذٍ لَمْ يَبْقَ لِلْغَاصِبِ يَدٌ الْبَتَّةَ ثُمَّ يَنْتَقِضُ مَا ذَكَرْتُمْ بِمَا إِذَا أَعَارَهُ إِيَّاهُ وَإِذَا دَفَعَ الْجَارِيَةَ الْمَغْصُوبَةَ لَهُ وَبِمَا إِذَا دَخَلَ الْمَالِكُ دَارَ الْغَاصِبِ فَأَكَلَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَبِمَا إِذَا قَالَ لَهُ: أَعْتِقْ هَذَا الْعَبْدَ وَاسْتَوْلِدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنَ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا عَنْهُمْ
(فَرْعٌ)
فِي الْكِتَابِ: إِذَا شَهِدُوا بِالْغَصْبِ مَعَ الْجَهْل بِالْقيمَةِ وَقد هَلَكت وصفتها الْبَيِّنَةُ وَتُقَوَّمُ الصِّفَةُ " فَإِنْ قَالُوا: غَصَبَهَا مِنْكَ وَلَا نَدْرِي لِمَنْ هِيَ قُضِيَ بِهَا لَكَ لِأَنَّ الْيَدَ ظَاهِرَةٌ فِي الْمِلْكِ وَمَتَى ادَّعَى هَلَاكَ الْمَغْصُوبِ وَخَالَفَ فِي صِفَتِهِ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ الْغَرَامَةُ فَإِنِ ادَّعَى مَا لَا يُشْبِهُ صُدِّقْتَ مَعَ يَمِينِكَ لِثُبُوتِ الظُّهُورِ فِي جِهَتِكَ بِالْأَشْبَهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَعَنْ أَشْهَبَ لَا يُرَاعَى الْأَشْبَهُ وَيُصَدَّقُ الْغَاصِبُ قَالَ فِي النَّوَادِرِ: مُرَاعَاةُ الْأَشْبَهِ غَلَطٌ إِنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute