(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي حُكْمِهَا)
قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الشَّهَادَةُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ يَحْمِلُهَا بَعْضُ النَّاسِ عَنْ بَعْضٍ كَالْجِهَادِ إِلَّا فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ مَنْ يَحْمِلُ ذَلِكَ فَفَرْضُ عَيْنٍ وَقَالَ مَالِكٌ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا يأب الشُّهَدَاء إِذا مَا دعوا} مَعْنَاهُ إِذَا دُعُوا لِلْأَدَاءِ وَقَالَ عَطَاءٌ مَعْنَاهُ الْأَدَاءُ وَالتَّحَمُّلُ وَقَالَ سُفْيَانُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا يضار كَاتب وَلَا شَهِيد} يَطْلُبُهُ فِي حَالِ شُغْلِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَكُلُّ مَنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ بِجُرْحَةٍ أَوْ تُهْمَةٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا تَلْزَمُهُ الشَّهَادَةُ وَإِنْ شَهِدَ فَيُخْبِرُ الْحَاكِمَ أَنَّهُ عَدُوُّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ قَرِيبُ الْمَشْهُودِ لَهُ وَلَا يُخْبِرُ بِالْجُرْحَةِ لِأَنَّ الْمُجَاهَرَةَ بِالذُّنُوبِ حَرَامٌ وَقَالَ أَيْضًا يُخْبِرُهُ لِأَنَّ السُّكُوتَ غِشٌّ لِلْحَاكِمِ كَمَا لَوْ كَانَ عَبْدًا أَوْ نَصْرَانِيًّا لَهُ الْإِخْبَارُ بِذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي قَوْله تَعَالَى {واشهدوا اذا تبايعنم} النَّدْبُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْبَيْعِ وَأَوْجَبَهُ بَعْضُ الظَّاهِرِيَّةِ لِأَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ وَجَوَابُهُ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَته} فَقَدَ جَوَّزَ الِائْتِمَانَ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ فَتَعَيَّنَ تَرْكُ الْوُجُوبِ وَالْحَمْلُ عَلَى النَّدْبِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ وَالْإِشْهَادُ فِي الدَّيْنِ مَنْدُوبٌ أَيْضًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذا تداينتم بدين} الْآيَةَ وَيُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَاللِّعَانُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِمَحْضِرِ النَّاسِ لِانْقِطَاعِ نَسَبِ الْوَلَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَفِي النِّكَاحِ مَنْدُوبٌ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا يَجِبُ عِنْدَ الدُّخُولِ وَفِي الرَّجْعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute