وَالصِّدِّيقِينَ وَخَوَاصِّ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ هَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَاجَاتِ مِنَ الْكَيِّ وَغَيْرِهَا تَارَةً تُسْتَعْمَلُ مَعَ تَعَيُّنِ أَسْبَابِهَا الْمُقْتَضِيَةِ لِاسْتِعْمَالِهَا وَتَارَةً مَعَ الشَّكِّ فِيهَا مَعَ الْقَطْعِ بِعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا كَمَا يَفْعَلُ التَّرْكُ لِلْكَيِّ لِتَهَيُّجِ الطَّبِيعَةِ فَهَذِهِ الْحَالَةُ الْأَخِيرَةُ هِيَ الْمُرَادَةُ بِالْحَدِيثِ لِأَنَّهُ إِيلَامٌ وَعَيْبٌ حِينَئِذٍ فَحَسُنَ الْمَدْحُ بِتَرْكِهِ أَمَّا الْحَالَةُ الْأُولَى فَلَا وَهَذَا طَرِيقٌ صَالِحٌ للْجمع بَين فعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِعْلِ أَصْحَابِهِ وَخَوَاصِّهِ وَبَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ لَا سِيَّمَا وَالْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ عَامًّا فِي نَفْيِ المداواة لَكِنَّهُ مُطْلَقٌ فِي الْأَحْوَالِ وَالْمُطْلَقُ يَتَأَدَّى بِصُورَةٍ فَلَا تَعَارُضَ حِينَئِذٍ نَقَلَ صَاحِبُ الْقَبَسِ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا هَذَا وَالثَّانِي لَا يَسْتَرْقُونَ بِالتَّمَائِمِ كَمَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَفْعَلُهُ وَالثَّالِثُ لَا يَسْتَرْقُونَ عِنْدَ النَّاسِ تَنْبِيهٌ فِي الصَّحِيحِ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ أَخِي اسْتَطْلَقَ بَطْنُهُ فَقَالَ اسْقِهِ عَسَلًا فَسَقَاهُ فَقَالَ إِنِّي سَقَيْتُهُ فَلَمْ يَزِدْهُ إِلَّا اسْتِطْلَاقًا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ كَذِبُ الْبَطْنِ وَكَيْفَ يُوصَفُ الْعَسَلُ بِقَطْعِ الْإِسْهَالِ مَعَ أَنَّهُ مُسْهِلٌ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ شِفَاهُ فِي الْعَسَلِ وَلَكِنْ بَعْدَ تَكَرُّرِهِ إِلَى غَايَةٍ يُحْجَبُ فَلَمَّا لَمْ يُكَرِّرْهُ وَلَمْ يَحْصُلِ الْبُرْءُ صَدَقَ اللَّهُ فِي كَوْنِهِ جَعَلَ الشِّفَاءَ فِيهِ وَإِنَّمَا كَانَ الْمَانِعُ مِنْ جِهَةِ الْمُنَاوَلَةِ وَكَذَبَ الْبَطْنُ لِأَنَّهُ بِظَاهِرِ حَالِهِ يَقُولُ إِنَّ هَذَا لَيْسَ شِفَائِي وَهُوَ شِفَاءٌ لَهُ وَإِنَّمَا الْمُنَاوَلَةُ لَمْ تَقَعْ على الْوَجْه الائق وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْإِسْهَالَ قَدْ يَكُونُ عَنْ سَدَّةٍ كَمَا تَقَرَرَ فِي عِلْمِ الطِّبِّ فَمُدَاوَاتُهَا بِمَا يَجْلُوهَا وَيُحَلِّلُهَا كَمَا يُدَاوَى فِي الزَّحِيرِ الْكَاذِبِ بِالْمُسَهِّلَاتِ وَبِالْمُسَخِّنَاتِ الْمُفَتِّحَةِ الْحُمَّيَاتِ الْكَائِنَةَ عَنِ السَّدَدِ وَهُوَ كَثِيرٌ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ الْمُدَاوَاةُ بِالْمِثْلِ وَإِنَّمَا الْغَالِبُ الْمُدَاوَاةُ بِالضِّدِّ فَلَوْ كَرَّرَ لَانْحَلَّتِ السَّدَّةُ وَانْقَطَعَ الْإِسْهَالُ
(فَرْعٌ)
قَالَ الْبَاجِيُّ تُغْسَلُ الْقُرْحَةُ بِالْبَوْلِ وَالْخَمْرِ إِذَا غَسَلَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ إِنِّي لَأَكْرَهُ الْخَمْرَ فِي الدَّوَاءِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا يُدْخِلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مَنْ يُرِيدُ الطَّعْنَ فِي الدِّينِ وَالْبَوْلُ عِنْدَهُ أَخَفُّ وَلَا يُشْرَبُ بَوْلُ الْإِنْسَانِ لِيَتَدَاوَى بِهِ لِأَنَّهُ نَجَاسَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute