للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمثل فِي النَّعَمِ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَقَالَ ح الْقِيمَةُ لِوُجُوهٍ أَحَدُهَا قَوْله تَعَالَى {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قتل} وَلَمْ يَقُلْ جَزَاءٌ مَا قَتَلَ فَجَعَلَ الْهَدْيَ مِنَ النَّعَمِ لِمِثْلِ الْمَقْتُولِ وَهُوَ الْقِيمَةُ فَيُصْرَفُ فِي الْهَدْيِ وَثَانِيهَا اشْتِرَاطُ الْحَكَمَيْنِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْمِثْلَ مِنَ النَّعَمِ لَاكْتَفَى بِمَا حَكَمَ بِهِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بَلِ الْمُرَادُ الْقِيمَةُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الرَّغَبَاتِ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ وَثَالِثُهَا أَنَّ الْآيَةَ تَسْلَمُ مِنَ التَّخْصِيصِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْمِثْلِ مِنَ النَّعَمِ يَخْرُجُ مَا لَا مِثْلَ لَهُ كَالْعَصَافِيرِ وَالنَّمْلِ وَالْقُمَّلِ وقَوْله تَعَالَى {لَا تقتلُوا الصَّيْد} عَامٌّ فِيهِ وَرَابِعُهَا أَنَّهُ مُتْلَفٌ عُدْوَانًا فَيُسَوَّى كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْآيَةَ قُرِئت فجزاء مثل مَا قتل بتنوين الْجَزَاء وبإضافته والقراءتان منزلتان فيجيب الْعَمَلُ بِهِمَا وَالْجُمَعُ بَيْنَهُمَا مَا أَمْكَنَ فَعَلَى التَّنْوِينِ يَكُونُ الْمَعْنَى فَجَزَاءٌ مُمَاثِلٌ مِنَ النَّعَمِ وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تَقَعُ بَيْنَ الْمَقْتُولِ وَالنَّعَمِ وَعَلَى الْإِضَافَةِ يُحْتَمَلُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ فَيُرَدُّ الْمُحْتَمَلُ إِلَى الصَّرِيحِ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الصَّيْدَ فِيهِ مَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَمَا لَمْ يَتَقَرَّرْ فِيهِ شَيْءٌ وَمَا هُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَقَضَاءُ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ مُخْتَصٌّ بِتِلْكَ الْأَعْيَانِ وَالْوَقَائِعِ الَّتِي حَضَرَتْهُمْ وَلَمْ يُوجَدْ فِي النَّصِّ مَا يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ قَاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ فِي أَصْنَافِ تِلْكَ الصُّيُودِ وَلَا أَنْ نُقَلِّدَهُمْ بَلِ الْفِعْلُ الْمُضَارِعُ الَّذِي فِي الْآيَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ يَحْكُمُ بِهِ وَكَوْنُهُ جَزَاءَ الشَّرْطِ يَقْتَضِي وُقُوعَ ذَلِكَ فِي الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ بَعْدَ قَتْلِ الصَّيْدِ الْمَحْكُومِ فِيهِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي فَهِمَهُ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلِذَلِكَ لَمْ يَزَالُوا يَقْضُونَ فِي النَّعَامَةِ بِبَدَنَةٍ وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ بِبَقَرَةٍ وَفِي الضَّبُعِ بِشَاةٍ وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ مَعَ اخْتِلَافِ قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَتَقْدِيمُ مِثْلِ ذَلِكَ الْحُكْمِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ تَجَرُّدُ الْحُكْمِ فِي كُلِّ وَاقِعَةٍ وَعَدَمُ التَّقْلِيدِ وَأَنَّ الْقِيمَةَ مُلْغَاةٌ فَنَحْنُ نَمْنَعُ التَّقْلِيد فَمَا حُكِمَ فِيهِ بَلْ إِجْمَاعُهُمْ مُسْتَنِدٌ لِلْحَكَمَيْنِ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ الِاجْتِهَادِيَّةِ وَمَوَاقِعُ اخْتِلَافِهِمْ يَجْتَهِدُ فِيهِ الْحَكَمَانِ فِي تَرْجِيحِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالْأَقْوَالِ وَمَا لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ يُنْظَرُ بِمَا وَقَعَ فِيهِ الْحُكْمُ أَو مَا تَقْتَضِيه الممائلة الْوَاقِعَةُ فِي الْآيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>