لَمْ تَحْضُرْهُ بَيِّنَةٌ فَفِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قَوْلَانِ وَالصَّحِيح قبُولهَا إِذَا ظَهَرَ لَهَا مَحْمَلٌ وَإِنِ احْتَمَلَهَا اللَّفْظُ عَلَى قُرْبٍ قُبِلَتْ إِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِلَّا قُضِيَ بِمُقْتَضَى اللَّفْظِ حَيْثُ وُجِدَ قَالَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ لَا خِلَافَ أَنَّ الْمُسْتَحْلَفَ فِي حَقٍّ يُقْضَى عَلَيْهِ بِظَاهِرِ يَمِينِهِ فَأَمَّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَفِي حِنْثِهِ أَقْوَالٌ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ الْحَلِفُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ وَقِيلَ عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهُ مُطْلَقًا اسْتُحْلِفَ أَمْ لَا وَقِيلَ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ وَقِيلَ عَكْسُ قَوْلِ مَالِكٍ لِلْمُسْتَحْلِفِ نِيَّتُهُ والمتطوع على نِيَّة الْمَحْلُوف لَهُ وَقِيلَ يَنْفَعُهُ فِيمَا لَا يُقْضَى عَلَيْهِ وَيَفْتَرِقُ الْمُتَطَوِّعُ وَغَيْرُهُ فِيمَا يُقْضَى بِهِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا قَاعِدَةٌ يَجُوزُ عِنْدَنَا التَّقْيِيدُ وَالتَّخْصِيصُ فِي مَدْلُولِ اللَّفْظِ الْمُطَابِقِيِّ والتضميني والإلتزامي وَقَالَهُ ش وَقَالَ ح لَا يَجُوزُ فِي الِالْتِزَامِيِّ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْحَالِفِ لَا آكُلُ فَيَجُوزُ لَهُ عِنْدَنَا تَخْصِيصُهُ أَوْ تَقْيِيدُهُ إِنْ قِيلَ بِعَدَمِ الْعُمُومِ بِبَعْضِ الْمَأْكُولَاتِ فَلَا يَحْنَثُ بِمَا سِوَاهُ وَعِنْدَهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْفِعْلَ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْمَأْكُولَاتِ الْتِزَامًا فَيَحْنَثُ عِنْدَهُ بِجُمْلَةِ الْمَأْكُولَاتِ وَلَا تَنْفَعُهُ النِّيَّةُ لَنَا مَدْرَكَانِ أَحَدُهُمَا قَوْله تَعَالَى {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} يُوسُف ٦٦ فأَخْرَجَ حَالَةَ الْإِحَاطَةِ مِنَ الْحَالَاتِ الَّتِي لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا اللَّفْظُ إِلَّا الْتِزَامًا فَكَذَلِكَ يَصِحُّ الْإِخْرَاجُ بِالنِّيَّةِ لِبَعْضِ الْمَفَاعِيلِ وَالْأَزْمِنَةِ وَالْبِقَاعِ بِجَامِعِ احْتِيَاجِ الْمُكَلَّفِ إِلَى تَمْيِيزِ مَوْضِعِ الْمَصْلَحَةِ وَكِلَاهُمَا إِخْرَاجُ الثَّانِي وَوَافَقَنَا عَلَى مَا إِذَا قَالَ لَا آكُلُ أَكْلًا أَنَّ النِّيَّةَ تَنْفَعُهُ وَالْأَكْلُ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْمَأْكُولَاتِ الْتِزَامًا وَهُوَ بِعَيْنِهِ الْمُرَادُ بِالْفِعْلِ تَنْبِيهٌ يُسْأَلُ الْحَالِفُ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ بَعْضَ أَنْوَاعِهِ لَا يُلْتَفَتُ لِنِيَّتِهِ وَيُعْتَبَرُ عُمُومُ لَفْظِهِ لِأَنَّ هَذِهِ النِّيَّةَ مُؤَكِّدَةٌ لِلَّفْظِ فِي ذَلِكَ النَّوْعِ غَيْرُ صَارِفَةٍ لَهُ على بَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ وَمِنْ شَرْطِ النِّيَّةِ الْمُخَصَّصَةِ أَنْ تَكُونَ صَارِفَةً فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ إِخْرَاجَ مَا عَدَا هَذَا النَّوْعَ حُمِلَتْ يَمِينُهُ عَلَى مَا بَقِيَ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَمِنْ شَرْطِ النِّيَّةِ الْمُخَصِّصَةِ أَنْ تَكُونَ مُنَافِيَةً لِمُقْتَضَى اللَّفْظِ بِخِلَافِ الْمُقَيَّدَةِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَهَذَا مَقَامٌ لَا يُحَقِّقُهُ أَكْثَرُ مفتي الْعَصْر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute