للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ بِتَعْلِيقِهِ عَلَيْهِ وَمَنْ لَمْ يَشَأْ يَكُنْ سَبَبًا فِي حَقِّهِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ النُّذُورِ وَغَيْرُهَا وَكُلُّ سَبَبٍ مُفَوَّضٍ إِلَى الْعَبْدِ لَا يَصِيرُ سَبَبًا إِلَّا إِذَا جَزَمَ بِسَبَبِيَّتِهِ فَمَعْنَى عود الْمَشِيئَة على كَلَام زيد أَي لَا أَجْزم يجَعْلِهِ سَبَبًا إِلَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى جَعْلَهُ سَبَبًا وَإِلَّا فَلَا وَاللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَشَأْ لِأَنَّهُ لم شَاءَ لَجَزَمَ الْعَبْدُ فَجَعَلَهُ سَبَبًا لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لِسَبَبِيَّتِهِ إِلَّا ذَلِكَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَلَامُ زَيْدٍ سَبَبًا لَا يَلْزَمُ الْحَجُّ بِهِ أَمَّا إِذَا أَعَادَهُ عَلَى الْحَجِّ فَمَعْنَاهُ أَنِّي جَزَمْتُ بِجَعْلِهِ سَبَبًا فَإِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَزِمَنِي الْحَجُّ بِهِ عَلَى تَقْدِيرِ الْكَلَامِ قُلْنَا لَهُ قد شَاءَ الله بِالضَّرُورَةِ أَنا نعلم أَن من أَرَادَهُ الله تَعَالَى لسَبَب حُكْمٍ فَقَدْ أَرَادَهُ بِذَلِكَ الْحُكْمِ فَمَنْ أَرَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِإِصْدَارِ الصِّيغَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْبَيْعِ فَقَدْ أَرَادَهُ بَيْنَ نَقْلِ الْمِلْكِ بِالضَّرُورَةِ وَمَنْ أَرَادَهُ بِالسَّرِقَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فَقَدْ أَرَادَهُ بِاسْتِحْقَاقِ الْقَطْعِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَسْبَابِ وَالْأَحْكَامِ وَقَدْ صَحَّتْ فَجُعِلَ الْكَلَامُ سَبَبًا لِلْحَجِّ فَنَجْزِمُ نَحْنُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَكَ بِحُكْمِ هَذَا السَّبَبِ فَيَلْزَمُكَ الْحَجُّ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ إِلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَيْ جَزَمْتُ بِالِالْتِزَامِ وَإِنْ بَدَا لِي نقصته وَهُوَ إِذَا جَزَمَ فَلَا خِيرَةَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ الِالْتِزَامَ سَبَبٌ وَلَيْسَ لِلْمُكَلَّفِ خِيرَةٌ فِي إِبْطَالِ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا فِي اقْتِطَاعِ مسبباتها ويهذا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ عَلَيَّ الْحَجُّ إِنْ شَاءَ فُلَانٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِالسَّبَبِ الَّذِي هُوَ الِالْتِزَامُ بَلْ عَلَّقَ ذَلِكَ على شَرط وَلم يُعْلَمْ وُجُودُهُ إِلَى الْآنِ فَإِذَا وُجِدَ انْعَقَدَ السَّبَبُ فَلَوْ فَرَضْنَاهُ جَزَمَ بِاللُّزُومِ وَقَالَ إِنْ شَاءَ فُلَانٌ لَمْ يَلْزَمْنِي شَيْءٌ لَمْ يَنْفَعْهُ وَإِلَى هَذَا الْمِنْهَاجِ أَشَارَ ابْنُ يُونُسَ فَهَذِهِ قَوَاعِد مجمع عَلَيْهَا عقلا ونقلا يخرج عَلَيْهَا كَلَامُهُمْ رَحِمَهُمُ اللَّهُ فَعَلَى هَذَا إِذَا قَالَ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِنْ شَاءَ زَيْدٌ أَمْكَنَ انْتِفَاعُهُ بِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ وَعَدَمُ انْتِفَاعِهِ وَمَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أنَّ الْمَشِيئَةَ لَا تَنْفَعُ فِي الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ أَيْ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>