للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ السَّكَرَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالتَّسْكِيرَ فِي اللُّغَةِ الْمَنْعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا سكرت أبصارنا} الْحجر ١٥ أَي منعت وغلقت وَمنع تَسْكِيرُ الْبَابِ أَيْ غَلْقُهُ فَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا يُتَّخَذُ مِنْهَا مَا يَمْنَعُ الْجُوعَ وَالْعَطَشَ وَالْأَمْرَاضَ وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ بِالتَّمْرِ وَالرُّطَبِ وَالْخَلِّ وَالْأَنْبِذَةِ قَبْلَ الشِّدَّةِ وَهِيَ حَلَالٌ إِجْمَاعًا فَمَا تَعَيَّنَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ مَعْنَاهُ اشْرَبُوا مِنْهُ غَيْرَ الَّذِي يُسْكِرُ كَثِيرُهُ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي مُسْلِمٍ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَان فَاجْتَنبُوهُ} الْمَائِدَة ٩٠ وَوَجْهُ الدَّلِيلِ وَالتَّمَسُّكِ بِهِ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا عَطْفُ الْمَيْسِرِ عَلَيْهِ وَهُوَ حَرَامٌ وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ وَالْمُسَاوَى بِالْحَرَامِ حَرَامٌ الثَّانِي عَطْفُ الأنصاب عَلَيْهِ لما سبق الثَّالِث عطف الأزلام عَلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ الرَّابِعُ قَوْلُهُ رِجْسٌ وَالرِّجْسُ النَّجَسُ لُغَةً وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَةِ الْجَمِيعِ خَرَجَتِ الثَّلَاثَةُ عَنِ النَّجَاسَةِ إِجْمَاعًا بَقِيَ الْحُكْمُ مُسْتَصْحَبًا فِي الْخَمْرِ فَتَكُونُ نَجِسَةً فَتَحْرُمُ وَهِيَ كُلُّ مَا خَامَرَ كَثِيرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ يَقُولُ الرِّجْسُ اسْتُعْمِلَ مَجَازًا فِي الْبُعْدِ الشَّرْعِيِّ وَالْبُعْدُ شَرْعًا مُحَرَّمٌ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِدَوَرَانِ هَذَا الْبَحْثِ بَيْنَ الْمَجَازِ وَالتَّخْصِيصِ وَالتَّخْصِيصُ أَوْلَى لِمَا عُلِمَ فِي الْأُصُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>