وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ إِنَّمَا هُوَ الْمَجْمُوعُ عَنِ الْأَعْضَاءِ لَا الَّذِي يَفْضُلُ فِي الْإِنَاءِ بَعْدَ الطَّهَارَةِ وَلَا الْمُسْتَعْمَلُ فِي بَعْضِ الْعُضْوِ إِذَا جَرَى لِلْبَعْضِ الْآخَرِ تَحْرِيرٌ إِذَا قُلْنَا بِسُقُوطِ الطَّهُورِيَّةِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ سَبَبُهُ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا كَوْنُهُ أُدِّيَتْ بِهِ عِبَادَةٌ وَالثَّانِي إِزَالَتُهُ الْمَانِعَ فَإِنِ انْتَفَيَا مَعًا كَالرَّابِعَةِ فِي الْوُضُوءِ فَلَا مَنْعَ وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ احْتَمَلَ الْخِلَافَ كَالْمُسْتَعْمَلِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ أَوْ فِي التَّجْدِيدِ فَإِنَّهُ لَمْ يَزَلْ مَانِعًا وَإِنْ أُدِّيَتْ بِهِ عِبَادَةٌ وَغُسْلُ الذِّمِّيَّةِ مِنَ الْحَيْضِ أَزَالَ مَانِعَ وَطْئِهَا لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ وَلَمْ تؤدبه عِبَادَةٌ وَفِي قَوْلِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ نَصٌّ صَرِيحٌ بِهَذَا الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ وَلَا يُتَوَضَّأُ بِمَا توضىء بِهِ مَرَّةً إِشَارَةً لِلْعِبَادَةِ وَإِزَالَةِ الْمَانِعِ مَعًا وَنقل صَاحب الطّراز عِنْد التَّفْرِقَة بَين الْحَدث والتجديد قَالَ وَسوى أَبُو حنيفَة فِي الْمَنْعِ وَيُرَدُّ عَلَى مَنْ قَالَ بِنَجَاسَتِهِ أَن السّلف الصَّالح كَانُوا يتوضؤن وَالْغَالِبُ تَطَايُرُ الْبَلَلِ عَلَى ثِيَابِهِمْ وَالْتِصَاقُ ثِيَابِهِمْ بِأَعْضَائِهِمْ وَهِيَ مَبْلُولَةٌ وَمَا نُقِلَ عَنْهُمُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى طَهَارَتِهِ الْفَرْعُ الثَّانِي مِنَ التَّبْصِرَةِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْبِئْرِ يَقَعُ فِيهَا سَعَفُ النَّخْلِ وَوَرَقُ الزَّيْتُونِ فَيَتَغَيَّرُ لَوْنُ الْمَاءِ إِنْ تَوَضَّأَ بِهِ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ لِأَنَّه لَا يَتَغَيَّرُ إِلَّا وَقَدْ تَغَيَّرَ طَعْمُهُ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْغَدِيرِ تَرِدُهُ الْمَاشِيَةُ فَتُغَيِّرُهُ بِرَوْثِهَا مَا يُعْجِبُنِي وَلَا أُحَرِّمُهُ وَالْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ غَيْرُ مُطَهِّرٍ الْقِسْمُ الرَّابِعُ الْمُخْتَلِطُ مِنَ الطَّهُورِ وَغَيْرِهِ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ الْبَاقِيَ عَلَى خِلْقَتِهِ طَهُورٌ وَغَيْرَ الْبَاقِي غَيْرُ طَهُورٍ بِأَنْ يَكُونَ مُتَغَيِّرًا بِقَرَارِهِ أَوْ لَازِمِهِ إِلَى لَوْنِ نَجَاسَةٍ وَقَعَتْ فِي بَعْضِهِ فَالْتَبَسَ بِالْبَعْضِ الْآخَرِ أَوْ بِصَيْرُورَةِ مَاءِ بَعْضِ النَّبَاتِ كَمَاءِ الْوَرْدِ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى صِفَةِ الطَّهُورِ ثُمَّ يَلْتَبِسُ بِالطَّهُورِ وَفِي الْجَوَاهِرِ فَإِنْ وَجَدَ مَا يَتَيَقَّنُ طَهُورِيَّتَهُ لَمْ يَجْتَهِدْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلِلْأَصْحَابِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ يَتَوَضَّأُ بِالْإِنَاءَيْنِ وُضُوءَيْنِ وَيُصَلِّي صَلَاتَيْنِ وَيَغْسِلُ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ مِنَ الْإِنَاءِ الثَّانِي قَبْلَ وُضُوئِهِ مِنْهُ إِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَجِسًا لِإِمْكَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute