الثَّوْبَانِ فَفِيهِمَا أَرْبَعُ صُوَرٍ الصُّورَةُ الْأُولَى أَنْ يُخَيّر العقد وَالتَّعْيِين مَعًا بِأَن يأخذهما اخْتَار أَحَدَهُمَا أَوْ يَرُدَّهُمَا فَيَدَّعِي ضَيَاعَهُمَا فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يَضْمَنُ أَحَدَهُمَا بِالثَّمَنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَالْآخَرَ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَبِيعٍ وَأَحَدَهُمَا بِالْقِيمَةِ وَالْآخَرِ بِالْأَقَلِّ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ عِنْدَ أَشْهَبَ لِأَنَّ لَهُ رَدَّ الْبَيْعِ وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ إِنْ تَطَوَّعَ الْبَائِعُ وَقَالَ اختر وَاحِد مِنْهُمَا ضمن وَاحِد لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مُنَافِيَ الْآخَرِ وَإِنْ سَأَلَ ذَلِكَ المُشْتَرِي وضمنها لِعَدَمِ الْأَمَانَةِ فِيهِمَا وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ يَضْمَنُهُمَا بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ بِالْخِيَارِ مِنْ مِلْكٍ إِلَى هَذَا فَإِنْ بَاعَ أَحَدَهُمَا ضَمِنَ نِصْفَ ثَمَنِ التَّالِفِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُخَيَّرُ فِي الْبَاقِي لِأَن لَهُ ثوبا بِالْعقدِ لم يَصِلْ إِلَيْهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ إِلَّا نِصْفَ الْبَاقِي لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ ثَوْبًا وَنِصْفًا وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا ادَّعَى ضَيَاعَ أَحَدِهِمَا جَرَى عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَضْمَنُ نِصْفَ ثَمَنِ التَّالِفِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الْمَبِيعِ فَيَلْزَمُ الثَّمَنُ أَوِ الْأَمَانَةُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَضْمَنُ الضَّائِعَ كُلَّهُ لِأَنَّهُ يَضْمَنُهُمَا جَمِيعًا إِذَا ضَاعَا وَقَالَ أَشْهَبُ أَيْضًا إِذَا أَخَذَ الثَّانِي كَانَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ وَالتَّالِفِ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ رَدَّهُ فَعَلَيْهِ التَّالِفُ بِالْأَقَلِّ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْقِيمَةِ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ كُلَّ الْبَاقِي وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ إِلَّا نِصْفَهُ وَسَبَبُ الْقَوْلَيْنِ تَغْلِيبُ حُكْمِ التّلف أَو الإمتثال الصُّورَة الثَّانِيَة بِخَير فِي التَّعْيِين دون العقد فَأَخذهُمَا لَازِمٌ وَيَرُدُّ الْآخَرَ فَفِي الْجَوَاهِرِ يُخَيَّرُ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَضْمَنُ وَاحِدًا وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ يَضْمَنُ الِاثْنَيْنِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْآخَرِ يَضْمَنُ الرَّاغِبَ مِنْهُمَا فِي الْخِيَارِ فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِالضَّيَاعِ فَلَا بُدَّ مِنْ ضَمَانِ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لِلْمُبْتَاعِ وَيَخْتَلِفُ فِي الثَّانِي فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا ضَمَانَ فِيهِ وَعَلَى أَصْلِ أَشْهَبَ أَنَّ مَا أُخِذَ عَلَى الضَّمَانِ لَا يَرْتَفِعُ ضَمَانُهُ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ ضَاعَ أَحَدُهُمَا فَقَوْلَانِ التَّالِفُ بَيْنَهُمَا وَالسَّالِمُ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِ نِصْفُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute